لم يكن لورثته القصاص، لأنه مات من جراحتين إحداهما لا قصاص فيها وهي المعفو عنها، ولا يستحق شيئا من الدية، لأنه قد استوفى نصف الدية وما قيمته نصف الدية، فإن لم يمت المجني عليه ولكن الجاني انتقضت عليه يده ومات لم يرجع ورثته على المجني عليه بشئ، لان القصاص لا تضمن سرايته، وإن قطع إحدى يدي الجاني فمات من قطعها، ولم يأخذ بدل اليد الأخرى كان له أن يأخذه لأنه وجب له القصاص في اليدين، وقد فاته القصاص في أحدهما بما لا ضمان عليه فيه، فهو كما لو سقطت بأكلة ومات حتف أنفه وإن مات المجني عليه من قطع اليدين ولم تبرأ فقطع الوارث إحدى يدي الجاني فمات من قطع يده قبل أن تقطع الأخرى لم يرجع بدية اليد الأخرى، لان الجناية إذا صارت نفسا سقط حكم الأطراف، وقد سرى قطع يد الجاني إلى النفس فاستوفى النفس بالنفس، وليس كذلك إذا برئ اليدان ولم يمت، فإن الاعتبار بالطرفين ولا يسقط بدل إحداهما باستيفاء بدل الأخرى، وهكذا حكم كل طرفين متميزين مثل الرجلين والعينين قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) إذا قطع يد رجل فسرى القطع إلى النفس فاقتص في اليد ثم عفى عن النفس على غير مال لم يضمن اليد لأنه قلعها في حال لا يضمنها، فأشبه إذا قطع يد مرتد فأسلم، ولان العفو يرجع إلى ما بقي دون ما استوفى، كما لو قبض من دينه بعضه ثم أبرأه، وان عفى على مال وجب له نصف الدية لأنه بالعفو صار حقه في الدية، وقد أخذ ما يساوى نصف الدية فوجب له النصف، فإن قطع يدي رجل فسرى إلى نفسه فقطع الولي يدي الجاني ثم عفا عن النفس لم يجب له مال لأنه لم يجب له أكثر من دية، وقد أخذ ما يساوى دية فلم يجب له شئ.
وإن قطع نصراني يد مسلم فاقتص منه في الطرف ثم سرى القطع إلى نفس المسلم فللولي أن يقتله، لأنه صارت الجناية نفسا وان اختار أن يعفو على الدية ففيه وجهان:
(أحدهما) أنه يجب عشرة آلاف درهم، لان دية المسلم اثنا عشر ألفا