الخراسانيين من قال أصلهما إذا رأى رجلا في دار الحرب فظنه حربيا فرماه بسهم ثم بان أنه كان مسلما ومات هل تجب الدية؟ فيه قولان وقال الشيخ أبو حامد: القولان ها هنا أصل بأنفسهما ومنها أخذ الوجهان في الوكيل، هل ينعزل قبل أن يعلم بالعزل، فإذا قلنا إن عفوه لا يصح فلا شئ على الموكل والوكيل، فإذا قلنا إن عفوه يصح فلا شئ على الموكل وأما الوكيل فلا قصاص عليه لان له شبهة في قتله ويجب عليه الدية. وإن قلنا لا تجب عليه الدية فهل تجب عليه الكفارة؟ فيه وجهان حكاهما الطبري في العدة - إن قلنا إن مأخوذ القولين في الدية من الرمي إلى من ظنه حربيا - فتجب الكفارة، لان الدية ها هنا لم تجب فإن قلنا مأخذهما من عزل الوكيل فلا تجب عليه الكفارة وتكون الدية مغلظة لأنها إما دية عمد محض أو دية عمد خطأ، وهل تجب في مال أو كيل أو على عاقلته؟ فيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبي إسحاق المروزي واختيار الشيخ أبى حامد أنها تجب في ماله لأنه قصد قتله، وإنما سقط القصاص لمعنى آخر، وقال أبو علي بن أبي هريرة هو دية عمد خطأ فتجب دية مؤجلة على العاقلة، لأنه قتله وهو معذور، فإن قلنا إنها على العاقلة لم يرجع بها الوكيل على الموكل لذلك.
وقال أبو العباس بن سريج: فيه قول آخر: انه يرجع عليه كما قلناه فيمن قدم طعاما مغصوبا إلى رجل فأكله ولم يعلم أنه مغصوب فإنه يرجع على المقدم إليه في أحد القولين، وكما قلنا فيمن غير بحرية امرأة، والمذهب الأول، لان العفو مندوب إليه والغرور محرم.
إذا تقرر هذا فإن كان الموكل قد عفا عن القود والدية أو عفا مطلقا وقلنا لا تجب له الدية فلا كلام، وإن عفا عن القود إلى الدية أو عفا مطلقا - وقلنا يجب له الدية وجبت له الدية في مال الجاني، وتكون لورثة الجاني مطالبة الوكيل بدية الجاني، وليس كالأخوين إذا قتل أحدهما قاتل أبيه بغير إذن أخيه حيث قلنا في محل نصيب الأخ الذي لم يقتل من الدية قولان (أحدهما) في تركة قاتل أبيه (والثاني) في ذمة أخيه، والفرق بينهما أن الأخ أتلف حق أخيه فوجبت عليه