فقطعها وجب عليه القصاص إن كان عالما أو الدية إن كان جاهلا، لان بذل المجنون لا يصح فصار كما لو بدأ بقطعه (الشرح) إذا قطع رجل يد رجل فاقتص المجني عليه من الجاني فاندملت يد المجني عليه ومات الجاني هدر دمه. وبه قال الحسن وابن سيرين ومالك وأحمد وإسحاق وابن المنذر وأبو يوسف ومحمد. وقال عطاء وطاوس والزهري وأبو حنيفة يكون على المجني عليه دية كاملة دليلنا ما روى عن عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما قالا: من مات من حد أو قصاص فلا دية له (1) ولا مخالف لهما في الصحابة رضي الله عنهم. ويثبت أنه إجماع، ولأنه جرح مباح غير مجتهد فيه فلم تكن سرايته مضمونة كالقطع في السرقة، فقول المباح احتراز من القطع بغير حق وقولنا " غير مجتهد فيه " احتراز من المولى عليه إذا كانت به أكلة أو سعلة فاجتهد الامام في قطعها فقطعها فمات منه وان قلنا يد رجل فقطع المجني عليه يد الجاني ثم سرى القطع إلى نفس المجني عليه كانت السراية إلى نفس الجاني قصاصا، لان السراية في النفس لما كانت كالجناية في إيجاب القصاص كانت الجناية في استيفاء القصاص، فإن كانت بحالها إلا أن الجاني مات من القطع أولا ثم مات المجني عليه بعده من القطع ففيه وجهان (أحدهما) أن السراية إلى نفس الجاني تكون قصاصا لان نفسه خرجت مخرج القصاص فكانت قصاصا، كما لو مات المجني عليه ثم مات الجاني (والثاني) أن السراية إلى نفس الجاني لا تكون قصاصا، وهو الأصح لان السراية سبقت وجوب القصاص فلم يقع قصاصا، وإنما تكون السراية هدرا، فعلى هذا يجب للمجني عليه في مال الجاني نصف الدية، لأنه قد أخذ يدا بنصف الدية. وإن كانت الدية موضحة أخذ منه تسعة أعشار الدية ونصف عشرها لأنه أخذ منه ما يساوى نصف عشر الدية.
(٤٧١)