في حكم المندملة فلم يدخل أرش أحدهما في أرش الاخر والوجه الثاني أنه لا يجب القصاص لان الجناية والقتل كالجناية الواحدة، فإذا سقط القصاص في بعضها سقط في جميعها، كما لو سرى قطع اليد إلى النفس، فإن عفا عنه على مال كان له نصف الدية، لأنه قد وجب له جميع الدية وقد أخذ نصفها أو سقط حقه عنه فبقي حقه في نصف الدية. والثالث وهو المنصوص أن للولي أن يقتص في النفس لأنهما جنايتان عفا عن إحداهما ولم يعف عن الأخرى فصار كما لو قتله آخر.
وإن عفا عنه الولي كان له نصف الدية، لان أرش الطرف يدخل في أرش النفس فإذا أخذه أو سقط حقه عنه بالعفو بقي الباقي له من الدية قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن قطع أصبع رجل عمدا فعفا المجني عليه عن القصاص والدية ثم اندملت سقط القصاص والدية وقال المزني رحمه الله: يسقط القصاص ولا تسقط الدية، لأنه عفا عن القصاص بعد وجوبه فسقط، وعفا عن الدية قبل وجوبها، لان الدية لا تجب إلا بالاندمال والعفو وجد قبله فلم تسقط، وهذا خطأ لان الدية تجب بالجناية والدليل عليه أنه لو جنى على طرف عبده ثم باعه ثم اندمل كان أرش الطرف له دون المشترى، فدل على أنه وجب بالجناية، وإنما تأخرت المطالبة إلى ما بعد الاندمال فصار كما لو عفا عن دين مؤجل فإن سرت الجناية إلى الكف واندملت سقط القصاص في الإصبع بالعفو، ولم يجب في الكف، لأنه تلف بالسراية، والقصاص فيما دون النفس لا يجب بالسراية وسقطت دية لإصبع لأنه عفا عنها بعد الوجوب، ولا يسقط أرش ما تسرى إليه لأنه عفا عنه قبل الوجوب وإن سرت الجناية إلى النفس نظرت فإن قال عفوت عن هذه الجناية قودها وديتها وما يحدث منها سقط القود في الإصبع والنفس لأنه سقط في الإصبع بالعفو بعد الوجوب، وسقط في النفس لأنها لا تتبعض.
وأما الدية فإنه إن كان العفو بلفظ الوصية فهو وصية للقاتل، وفيها قولان