فإن قلنا لا تصح وجبت دية النفس، وان قلنا تصح وخرجت من الثلث سقطت وإن خرج بعضها سقط ما خرج منها من الثلث ووجب الباقي وإن كان بغير لفظ الوصية فهل هو وصية في الحكم أم لا؟ فيه قولان (أحدهما) أنه وصية لأنه يعتبر من الثلث (والثاني) أنه ليس بوصية لان الوصية ما تكون بعد الموت، وهذا إسقاط في حال الحياة، فإذا قلنا إنه وصية فعلى ما ذكرناه من القولين في الوصية للقاتل وان قلنا إنه ليس بوصية صح العفو عن دية الإصبع لأنه عفا عنها بعد الوجوب ولا يصح عما زاد لأنه عفا قبل الوجوب فيجب عليه دية النفس الا أرش أصبع وأما إذا قال عفوت عن هذه الجناية قودها وعقلها ولم يقل وما يحدث منها، سقط القود في الجميع لما ذكرناه ولا سقط دية النفس لأنه أبرأ منها قبل الوجوب وأما دية الإصبع فإنه إن كان عفا عنها بلفظ الوصية أو بلفظ العفو وقلنا إنه وصية فهو وصية للقاتل - وفيها قولان - وإن كان بلفظ العفو وقلنا إنه ليس بوصية فان خرج من الثلث سقط، وان خرج بعضه سقط منه ما خرج ووجب الباقي لأنه ابراء عما وجب (فصل) فإن جنى جناية يجب فيه القصاص كقطع اليد فعفا عن القصاص وأخذ نصف الدية ثم عاد فقتله، فقد اختلف أصحابنا فيه، فذهب أبو سعيد الإصطخري رحمة الله عليه إلى أنه يلزمه القصاص في النفس أو الدية الكاملة ان عفى عن القصاص، لان القتل منفرد عن الجناية، فلم يدخل حكمه في حكمها فوجب لأجله القصاص أو الدية ومن أصحابنا من قال لا يجب القصاص ويجب نصف الدية لان الجناية والقتل كالجناية الواحدة، فإذا سقط القصاص في بعضها سقط في جميعها ويجب نصف الدية لأنه وجب كمال الدية وقد أخذ نصفها وبقى له النصف ومنهم من قال يجب له القصاص في النفس وهو الصحيح، لان القتل انفرد عن الجناية، فعفوه عن الجناية لا يوجب سقوط ما لزمه بالقتل ويجب له نصف الدية لان القتل إذا تعقب الجناية قبل الاندمال صار بمنزلة ما لو سرت إلى النفس ولو سرت وجب فيها الدية، وقد أخذ النصف وبقي للنصف
(٤٨٢)