لقوله تعالى " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل، وفي قتلها في هذه الحالة إسراف، لأنه يقتل من قتل ومن لم يقتل، لحديث عمران بن الحصين أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته أنها زنت وهي حبلى، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم وليها أن يحسن إليها حتى تضع فلما وضعت جئ بها فرجمت وأمرهم فصلوا عليها.
وروى أن عمر رضي الله عنه أمر بقتل امرأة بالزنا وهي حامل: فقال له معاذ بن جبل رضي الله عنه " إن كان لك سبيل عليها فليس لك سبيل على ما في بطنها، يعنى حملها، فترك عمر قتلها. وقال كاد النساء أن يعجزن أن يلدن مثلك يا معاذ.
فإذا ثبت هذا فولدت لم تقتل حتى تسقى الولد اللبأ، لأنه لا يعيش الا به فإذا سقته اللبأ نظرت، فإن لم توجد امرأة راتبة ترضعه، وإنما وجد جماعة نساء يتناوبنه في الرضاع، أو وجدت بهيمة يسقى من لبنها، فالمستحب ألا يقتص حتى ترضعه أمه حولين، لان على الولد ضررا باختلاف لبن المرضعات، ولبن البهيمة يغير طبعه، فان اقتص منها جاز، لان بدنه يقوم بذلك، فإن لم يوجد من يرضعه ولا وجدت بهيمة يسقى لبنها لم يجز للولي أن يقتص منها إلى وقت يستغنى عن لبنها، لان النبي صلى الله عليه وسلم قال للعامرية " اذهبي حتى ترضعيه " ولأنه إذا وجب تأخير القصاص لأجله وهو حمل، فلان يجب تأخيره لأجله بعد أوضع أولى.
قال الشيخ أبو حامد. قال أصحابنا فان خالف الولي واقتص من الأم في هذه الحالة ثم مات الطفل فهو قاتل عمد، وعليه القود، لأنه بمثابة من حبس رجلا ومنعه الطعام والشراب حتى مات، فإنه قاتل عمد ويجب على القود، هذا نقل أصحابنا البغداديين. وقال المسعودي إذا وجد من ترضعه فإن كان القتل لله كالرجم في الزنا لم تقتل حتى تنقضي مدة الرضاع، وإن كان للآدمي قتلت (فرع) إذا وجب على المرأة القتل فادعت أنها حامل قال الشافعي رحمه الله تحبس حتى يتبين أمرها. واختلف أصحابنا في ذلك فقال أبو سعيد الإصطخري