دليلنا أنه عمل معلوم فصحت الإجارة عليه كالقصاص في الطرف، وإن كان القصاص في الطرف فقال أصحابنا البغداديون: لا يمكن المجني عليه أن يقتص بنفسه بل يؤمر بالتوكيل، لا لاقتصاص في الطرف يحتاج إلى التحفظ لئلا يستوفى أكثر من حقه، وقال الخراسانيون فيه وجهان (أحدهما) لا يمكن من ذلك لما ذكرناه (والثاني) يمكن منه كما يمكن من استيفاء القصاص في النفس، والأول أصح، لان المقصود بالقتل إزهاق الروح، ولا معنى للتحفظ بخلاف الطرف.
(فرع) يستحب للامام أن يقيم رجلا يقيم الحدود ويقتص للناس بإذنهم ويرزقه من الأموال المعدة للخدمات العامة (ميزانية الخدمات) لان هذا من المصالح والخدمات التي توفرها الدولة لنشر الامن وإقرار العدل، قد شبهه أصحابنا بأجرة الكيال والوزان في الأسواق، فإن لم يكن هناك شئ من سهم المصالح أو كانت ميزانية الخدمات لا تسمح للاحتياج لما هو أهم كبناء المستشفى أو تسليح المجاهدين كانت الأجرة على المقتص منه هذا ما يفيده النظر في نقل أصحابنا البغداديين.
وقال المسعودي: نص الشافعي رحمه الله على أن أجرة القصاص على المقتص منه، ونص أن أجرة الجلاد في بيت المال، وهو قول أبي حنيفة لأنه استيفاء حق فكانت أجرة الاستيفاء على المستوفى، كما لو اشترى طعاما وأراد نقله، والأول أصح، ومنهم من قال يجب أجرة القصاص على المقتص منه، وأجرة الجلاد في بيت المال، لان في القصاص الجاني مأمور بالاقرار بالجناية ليقتص منه، وفي الحد هو مأمور بالستر على نفسه فإن قال الجاني: أنا أقطع طرفي ولا أؤدي الأجرة ففيه وجهان حكاهما ابن الصباغ (أحدهما) يجب إجابته إلى ذلك لان المقصود قطع طرفه فلا تلحقه تهمة في ذلك (والثاني) لا يجب إجابته إلى ذلك، ولم يذكر المصنف غيره، لان المقصود بالقصاص التشفي وذلك لا يحصل بفعل الجاني وإنما يحصل بفعل المجني عليه أو من ينوب عنه غير الجاني (فرع) إذا وجب القصاص على امرأة حامل لم يجز قتلها قبل أن تضع،