كما لو قتل من له وارث وعليه دين محيط بالتركة، فإن القصاص للوارث وان لم يرث شيئا، وإن كان الوراث صغيرا أو مجنونا لم يستوف له الولي، لان القصد من القصاص التشفي ودرك الغيظ، وذلك لا يحصل باستيفاء الولي، ويحبس القاتل إلى أن يبلغ الصغير أو يعقل المجنون، لان فيه حظا للقاتل بأن لا يقتل، وفيه حظا للمولى عليه ليحصل له التشفي، فإن أقام القاتل كفيلا ليخلى لم يجز تخليته لان فيه تغريرا بحق المولى عليه بأن يهرب فيضيع الحق.
وإن وثب الصبي أو المجنون على القاتل فقتله ففيه وجهان: أحدهما أنه يصير مستوفيا لحقه، كما لو كانت له وديعة عند رجل فأتلفها. والثاني لا يصير مستوفيا لحقه وهو الصحيح، لأنه ليس من أهل استيفاء الحقوق ويخالف الوديعة، فإنها لو تلف من غير فعل برئ منها المودع. ولو هلك الجاني من غير فعل لم يبرأ من الجناية. وإن كان القصاص بين صغير وكبير لم يجز للكبير أن يستوفى، وإن كان بين عاقل ومجنون لم يجز للعاقل أن يستوفي لأنه مشترك بينهما فلا يجوز لأحدهما أن ينفرد به، فإن قتل من لا وارث له كان القصاص للمسلمين واستيفاؤه إلى السلطان، وإن كان له من يرث منه بعض القصاص كان استيفاؤه إلى الوارث والسلطان، ولا يجوز لأحدهما أن ينفرد به لما ذكرناه (الشرح) خبر الضحاك بن قيس أسنده المصنف لم يرو أن الذي كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم هو الضحاك بن قيس لأنه ولد قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بسبع سنين. فهو الضحاك بن قيس بن خالد الأكبر ابن وهب بن ثعلبة يكنى أبا أنيس، وقيل أبو عبد الرحمن، والأول أفاده الواقدي، وهو أخو فاطمة بنت قيس وكان أصغر سنا منها، ويرجح أنه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فضلا عن أن يوليه ويكتب إليه. وقد كان الضحاك بن قيس على شرطة معاوية ثم صار عاملا على الكوفة بعد زياد، وقد قتل الضحاك بن قيس بمرج راهط لأنه كان يأخذ البيعة لابن الزبير قتله جنود يزيد.
أما الذي ولاه النبي صلى الله عليه وسلم وكتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي فهو الضحاك بن سفيان الكلابي، فهو الذي ولاه النبي صلى الله عليه وسلم