بعضه ببعض ما ذكرناه لا يؤخذ: وان رضى الجاني والمجني عليه، وكذلك ما لا يؤخذ من الأعضاء الكاملة بالأعضاء الناقصة، كالعين الصحيحة بالقائمة، واليد الصحيحة بالشلاء، لا يؤخذ وإن رضى الجاني والمجني عليه بأخذها، لان الدماء لا تستباح بالإباحة.
(فصل) وإن جنى على رجل جناية يجب فيها القصاص ثم قتله وجب القصاص فيهما لأنهما جنايتان يجب القصاص في كل واحدة منهما، فوجب القصاص فيهما عند الاجتماع كقطع اليد والرجل (الشرح) كل عضو وجب فيه القصاص فإنه يجب فيه، وان اختلف العضوان في الصغر والكبر، والصحة والمرض، والسمن والهزال، لقوله تعالى (والعين بالعين والاذن بالاذن والسن بالسن) ولم يفرق، ولأنا لو اعتبرنا هذه الأشياء لشق وضاق فسقط اعتباره كما سقط اعتبار ذلك في النفس، وما كان من الأعضاء منقسما إلى يمين ويسار كالعينين والأذنين واليدين والرجلين لا يجوز أخذ اليمنى منه باليسرى ولا اليسرى منه باليمنى. وقال ابن شبرمة يجوز.
ولنا أن كل واحد منهما يختص باسم ينفرد به فلا يؤخذ بغيره، كما لا يؤخذ اليد بالرجل، وكذا لا يؤخذ الجفن الاعلى بالجفن الأسفل، ولا العكس، وكذلك الشفتان مثله، ولا يؤخذ سن بسن غيرها، ولا أصبع بأصبع غيرها، ولا أنملة بأنملة غيرها، كما لا تؤخذ نفس بجناية نفس غيرها ولا يؤخذ أي شئ من ذلك وإن رضى كل من الجاني والمجني عليه، وكذلك إذا رضى الجاني بأن يؤخذ العضو الكامل بالناقص، والصحيح بالأشل، لم يجز لان الدماء لا تستباح بالإباحة (مسألة) إذا قطع يد رجل ثم عاد فقتله كان له أن يقطع يده ثم يقتله، وبه قال أبو حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: ليس له إلا القتل. دليلنا قوله تعالى (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) وهذا قد اعتدى بقطع اليد فلم يمنع من قطع يده، ولأنهما جنايتان يجب القصاص في كل واحدة منهما إذا انفردت فوجب القصاص فيهما عند الاجتماع كقطع اليد والرجل