(الشرح) انتزع الفقهاء من قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) أن الرضاعة المحرمة - بكسر الراء المشددة - الجارية مجرى النسب إنما هن ما كان في الحولين، لأنه بانقضاء الحولين تمت الرضاعة، ولا رضاعة بعد الحولين معتبرة. وهو قول عمر وابن عباس. وروى عن ابن مسعود كما حكاه المصنف. وبه قال الزهري وقتادة والشعبي وسفيان الثوري ومالك وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور وابن شبرمة وروى ابن عبد الحكم عن مالك: ان زاد شهرا جاز وروى شهران. وقال أبو حنيفة: يحرم الرضاع في ثلاثين شهرا، لقوله تعالى " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " ولم يرد بالحمل حمل الأحشاء، لأنه يكون سنتين، فعلم أنه أراد الحمل في الفصال. وقال زفر: مدة الرضاع ثلاث سنين، وكانت عائشة ترى رضاعة الكبيرة تحرم. ويروى هذا عن عطاء والليث وداود لما روى أن سهلة بنت سهيل قالت " يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا فكان يأوى معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد ويراني فضلا. وقد أنزل الله فيهم ما قد علمت فكيف ترى فيه؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أرضعيه، فأرضعته خمس رضعات فكانت بمنزلة ولدها فبذلك كانت عائشة تأخذ بنات أخواتها وبنات أخواتها يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها - وإن كان كبير خمس رضعات - وأبت ذلك أم سلمة وسائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة حتى يكون قد وضع في المهد. وقلن لعائشة والله ما ندري لعلها رخصة من النبي صلى الله عليه وسلم لسالم دون الناس. رواه أبو داود والنسائي دليلنا قوله تعالى " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة " فجعل تمام الرضاعة حولين فيدل على أنه لا حكم لها بعدهما وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل، فتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، فقال صلى الله عليه وسلم: انظرن من إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة، متفق عليه.
وعن أم سلمة قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحرم من الرضاع