قوله " وهن فيما يقرأ " فيه إشارة إلى أنه تأخر إنزال الخمس الرضعات، فتوفى صلى الله عليه وسلم وهن قرآن يقرأ.
أما الأحكام فقد استدل بحديث عائشة على أن التحريم لا يتحقق إلا بخمس رضعات فما فوقها معلومات، والرضعة هي المرة، فمتى التقم الصبي الثدي فامتص منه ثم تركه باختياره لغير عارض كان ذلك رضعة فالرضعة الواحدة والرضعتان والثلاث والأربع، وقد استدل بحديث " لا تحرم المصة ولا المصتان " على أن الثلاث محرمة. وهذا الاستدلال مأخوذ من دلالة مفهوم الخطاب، وهو مذهب زيد بن ثابت وأبي ثور وابن المنذر وأبى عبيدة وداود بن علي وأحمد في رواية عنه، ولكن يعارض هذا المفهوم القاضي بأن ما فوق الاثنتين يقتضى التحريم ما ثبت من أن الرضاع المقتضى للتحريم خمس رضعات، وهو قول ابن مسعود وعائشة وعبد الله بن الزبير وعطاء وطاوس وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير والليث بن سعد وأحمد في ظاهر مذهبه وإسحاق وابن حزم وجماعة من أهل العلم قال الشوكاني: وقد روى هذا المذهب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وحكى ابن القيم عن الليث بن سعد أنه لا يحرم إلا خمس رضعات. وقد اعترض القائلون بقول أبي ثور الذي حكاه المصنف هنا باعتراضات، منها أن الحديث متضمن كون الخمس الرضعات قرآنا والقرآن شرطه التواتر، ولم يتواتر محل النزاع.
ثانيا لو كان هذا قرآنا لحفظ لقوله تعالى " إنا نحن نزلنا الذكر وإن له لحافظون " ثالثا: قوله تعالى " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم " وإطلاق الرضاع يشعر بأنه يقع بالقليل والكثير، ومثل ذلك حديث " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " رابعا: عن عقبة بن الحرث أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب فجاءت أمة سوداء فقالت قد أرضعتكما، قال فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأعرض عنى فتنحيت فذكرت ذلك له فقال وكيف وقد زعمت أنها أرضعتكما؟ فنهاه عنها، رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي والدارقطني، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل عن الكيفية ولا سأل عن العدد