(فرع) إذا شرب لبن امرأة ميتة فإنه لا تنشر الحرمة، وبهذا قال الخلال.
لأنه لبن ممن ليس بمحل للولادة، فلم يتعلق به التحريم كلبن الرجل، والمنصوص عن أحمد في رواية إبراهيم الحربي أنه ينتشر الحرمة، وهو قول أبي ثور والأوزاعي وابن القاسم وأصحاب الرأي وابن المنذر، وتوقف عنه أحمد في رواية منها. ولو حلبت المرأة لبنها في وعاء ثم ماتت فشربه صبي نشر الحرمة في قول كل من جعل الوجور محرما، وبه قال أحمد في إحدى الروايتين وأبو ثور وأصحاب الرأي وغيرهم وذلك لأنه لبن امرأة في حياتها فأشبه ما لو شربه في الحياة (فرع) ولا تنتشر الحرمة بغير لبن الآدمية بحال، فلو ارتضع اثنان من لبن بهيمة لم يصيرا أخوين في قول عامة أهل العلم، منهم أحمد وابن القاسم وأبو ثور وأصحاب الرأي، ولو ارتضعا من رجل لم يصيرا أخوين، ولم تنتشر الحرمة بينه وبينهما في قوله عامتهم.
وقال الكرابيسي يتعلق به التحريم لأنه لبن آدمي أشبه لبن الآدمية. وحكى عن بعض السلف أنهما لو ارتضعا من لبن بهيمة صار أخوين، وليس بصحيح، لان هذا لا يتعلق به تحريم الأمومة، فلا يثبت به تحريم الاخوة، لان الاخوة فرع على الأمومة، وكذلك لا يتعلق به تحريم الأبوة لذلك، ولان هذا اللبن لم يخلق لغذاء المولود فلم يتعلق به التحريم كسائر الطعام، فإن ثار لخنثى مشكل لبن لم يثبت به التحريم، لأنه لم يثبت كونه امرأة فلا يثبت التحريم مع الشك.
وقال ابن حامد: يقف الامر حتى يثبت التحريم بانكشاف أمر الخنثى كونه رجلا وقال أبو إسحاق المروزي: أن قال النساء إن هذا اللبن لا يكون على غزارته إلا لامرأة حكم بأنه امرأة وأن لبنه يحرم وقال بعض أصحابنا: ليس اللبن دليلا على الرجولة والأنوثة، لأنه قد يثور للرجل لبن تتوفر فيه غزارة لبن المرأة وعناصره التي يتكون منها، وعلى ذلك نقول بقول ابن حامد وهو ما ذهب إليه المصنف هنا (فرع) إذا ثار لامرأة ثيبا كانت أو بكرا لبن من غير وطئ فأرضعت به طفلا نشر الحرمة، وهو قول ابن حامد ومالك وأظهر الروايتين عن أحمد، وهو مذهب الثوري وأبي ثور وأصحاب الرأي وكل من يحفظ عنه ابن المنذر، لقول