قال " لا تحرم الاملاجة ولا الاملاجتان " فدل على أن الثلاث يحرمن، والدليل على أنه لا يحرم ما دون خمس الرضعات ماروت عائشة رضي الله عنها قالت " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخ بخمس معلومات فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ في القرآن، وحديث أم الفضل يدل على أن الثلاث يحرمن من جهة دليل الخطاب، والنص يقدم على دليل الخطاب، وهو ما رويناه، ولا يثبت إلا بخمس رضعات متفرقات، لان الشرع ورد بها مطلقا، فحمل على العرف، والعرف في الرضعات أن يرتضع ثم يقطعه باختياره من غير عارض ثم يعود إليه بعد زمان ثم يرتضع ثم يقطعه، وعلى هذا إلى أن يستوفي العدد، كما أن العادة في الأكلات أن تكون متفرقة في أوقات.
فأما إذا قطع الرضاع لضيق نفس أو لشئ يلهيه ثم رجع إليه أو انتقل من ثدي إلى ثدي كان الجميع رضعة، كما أن الاكل إذا قطعه لضيق نفس أو شرب ماء أو لانتقال من لون إلى لون كان الجميع أكلة، فإن قطعت المرضعة عليه ففيه وجهان (أحدهما) أن ذلك ليس برضعة، لأنه قطع عليه بغير اختياره (والثاني) أنه رضعة، لان الرضاع يصح بكل واحد منهما. ولهذا لو أوجرته وهو نائم ثبت التحريم كما يثبت إذا ارتضع منها وهي نائمة، فإذا تمت الرضعة بقطعه وجب أن تتم بقطعها.
فإن أرضعته امرأة أربع رضعات، ثم أرضعته امرأة أخرى أربع رضعات ثم عاد إلى الأولى فارتضع منها وقطع، وعاد إلى الأخرى في الحال فارتضع منها ففيه وجهان:
(أحدهما) لا يتم عدد الخمس من واحدة منهما، لأنه انتقل من إحداهما إلى الأخرى قبل تمام الرضعة فلم تكن كل واحدة منهما رضعة، كما لو انتقل من ثدي إلى ثدي (والثاني) يتم العدد من كل واحدة منهما، لان الرضعة أن يرتضع القليل والكثير ثم يقطع ولا يعود إلى بعد زمان طويل، وقد وجد ذلك (الشرح) حديث أم الفضل " أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أتحرم المصة؟ فقال لا تحرم الرضعة والرضعتان والمصة والمصتان " وفي رواية " دخل