قال المصنف رحمه الله تعالى:
كتاب الايلاء يصح الايلاء من كل زوج بالغ عاقل قادر على الوطئ، لقوله عز وجل " للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر " وأما الصبي والمجنون فلا يصح الايلاء منهما لقوله صلى الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق " ولأنه قول يختص بالزوجية فلم يصح من الصبي والمجنون كالطلاق.
وأما من لا يقدر على الوطئ، فإن كان بسبب يزول كالمريض والمحبوس صح إيلاؤه. وإن كان بسبب لا يزول كالمجبون والأشل ففيه قولان (أحدهما) يصح ايلاؤه لان من صح ايلاؤه إذا كان قادرا على الوطئ صح ايلاؤه إذا لم يقدر كالمريض والمحبوس (والثاني) قاله في الام لا يصح ايلاؤه لأنه يمين على ترك ما لا يقدر عليه بحال فلم يصح، كما لو حلف لا يصعد السماء. ولان القصد بالايلاء أن يمنع نفسه من الجماع باليمين. وذلك لا يصح ممن لا يقدر عليه، لأنه ممنوع من غير يمين، ويخالف المريض والمحبوس لأنهما يقدران عليه إذا زال المرض والحبس، فصح منهما المنع باليمين، والمجبوب والأشل لا يقدران بحال.
(الشرح) قوله تعالى " للذين يؤلون من نسائهم " الآية، معناه يحلفون، والمصدر ايلاء وألية وألوة وألوة وإلوة، وقرأ أبى وابن عباس: للذين يقسمون ومعلوم أن يقسمون تفسير يؤلون، وقرئ " للذين آلوا " يقال: آلى يؤلى ايلاء وتألى تأليا وائتلى ائتلاء أي حلف. ومنه " ولا يأتل أولو الفضل منكم " كذا أفاده القرطبي وقال طرفة ابن العبد:
فآليت لا ينفك كشحي بطانة * لعضب رقيق الشفرتين مهند وقال في الجمع: قليل الألايا حافظ ليمينه * وان سبقت منه الالية برءت