لهذا الوطئ، لأن العدة لما انقضت قبل اجتماعهما على النكاح تبينا أنه وطئ أجنبية منه، فهو كما لو وطئ أجنبية بشبهة، وإن راجعها قبل انقضاء العدة أو اجتمعا على الاسلام قبل انقضاء العدة فقد قال الشافعي: إن للرجعية مهر مثلها وقال في الزوجية: إذا أسلم أحدهما ووطئها قبل انقضاء عدتها وقبل الاسلام ثم أسلم الآخر قبل انقضاء العدة أنه لا مهر لها، وكذا قال في المرتد: إذا وطئ امرأته في العدة ثم أسلم قبل انقضاء العدة لا مهر عليه، واختلف أصحابنا فيه.
فمنهم من قال في الجميع قولان (أحدهما) يجب عليه مهر مثله لأنه وطئ في نكاح قد تشعث، فهو كما لو لم يراجعها ولم يجتمعا على الاسلام.
(والثاني) لا يجب عليه، لان الشعث زال بالرجعة والاسلام، ومنهم من حملها على ظاهرها، فإن راجعها في الردة من أحدهما فالصحيح من مذهبنا أنه لا يصح، وبه قال أحمد وأصحابه، لأنه استباحة بضع مقصود فلم يصح مع الردة كالنكاح، ولان الرجعة تقرير للنكاح والردة تنافى ذلك فلم يصح اجتماعهما، وقال المازني ما حاصله: إن قلنا تتعجل الفرقة بالردة لم تصح الرجعة لأنها قد بانت بها، وإن قلنا لا تتعجل الفرقة فالرجعة موقوفة إن أسلم المرتد منهما في العدة صحت الرجعة: لأننا تبينا أن الفرقة وقعت قبل الرجعة. وهذا قول أصحاب احمد واختيار أبى حامد الأسفراييني من أصحابنا. وهكذا ينبغي أن يكون فيما إذا راجعها بعد إسلام أحدهما.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وتصح الرجعة من غير رضاها لقوله عز وجل " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك " ولا تصح الرجعة إلا بالقول، فإن وطئها لم يكن ذلك رجعه لاستباحة بضع مقصود يصح بالقول، فلم يصح بالفعل مع القدرة على القول كالنكاح وإن قال: راجعتك أو ارتجعتك صح، لأنه وردت به السنة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم " مر ابنك فليراجعها " فان قال رددتك صح. لأنه ورد به القرآن وهو قوله عز وجل " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك "