قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن تظاهر من أربع نسوة بأربع كلمات وأمسكهن، لزمه لكل واحد كفارة، وإن تظاهر منهن بكلمة واحدة بأن قال: أنتن على كظهر أمي وأمسكهن ففيه قولان، قال في القديم: تلزمه كفارة واحدة لما روى ابن عباس وسعيد بن المسيب رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه سئل عن رجل تظاهر من أربع نسوة فقال يجزيه كفارة واحدة. وقال في الجديد: يلزمه أربع كفارات لأنه وجد الظهار والعود في حق كل واحدة منهم، فلزمه أربع كفارات، كما لو أفردهن بكلمات.
وإن تظاهر من امرأة ثم ظاهر منها قبل أن يكفر عن الأول نظرت - فإن قصد التأكيد - لزمه كفارة واحدة، وإن قصد الاستئناف ففيه قولان، قال في القديم تلزمه كفارة واحدة، لان الثاني لم يؤثر في التحريم، وقال في الجديد يلزمه كفارتان لأنه قول يؤثر في تحريم الزوجة كرره على وجه الاستئناف، فتعلق بكل مرة حكم الطلاق، وإن أطلق ولم ينو شيئا فقد قال بعض أصحابنا حكمه حكم ما لو قصد التأكيد. ومنهم من قال: حكمه حكم ما لو قصد الاستئناف، كما قلنا فيمن كرر الطلاق.
وإن كانت له امرأتان وقال لإحداهما: إن تظاهرت منك فالأخرى على كظهر أمي، ثم تظاهر من الأولى وأمسكها لزمه كفارتان قولان واحدا لأنه أفرد كل واحدة منهما بظهار.
(الشرح) إذا تظاهر من أربع نسوة بأربع كلمات فقال: لكل واحدة أنت على كظهر أمي، فإن لكل يمين كفارة. وهذا قول عروة وعطاء وأحمد بن حنبل في رواية أبى عبد الله بن حامد. وقال في رواية أبى بكر: يجزئه كفارة واحدة.
ولأنها أيمان متكررة على أعيان متفرقة فكان لكل واحدة كفارة، كما لو كفر ثم ظاهر، ولأنها أيمان لا يحنث في إحداها بالحنث في الأخرى فلا تكفرها كفارة واحدة كالأصل، ولان الظهار معنى يوجب الكفارة، فتعدد الكفارة بتعدده في المحال المختلفة كالقتل، ويفارق الحد فإنه عقوبة تدرأ بالشبهات،