بسم الله الرحمن الرحيم قال المصنف رحمه الله تعالى:
كتاب الخلع إذا كرهت المرأة زوجها لقبح منظر، أو سوء عشرة وخافت أن لا تؤدى حقه، جاز أن تخالعه على عوض، لقوله عز وجل " فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به " وروى أن جميلة بنت سهل كانت تحت ثابت بن قيس بن الشماس وكان يضربها فأتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت لا أنا ولا ثابت وما أعطاني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ منها، فأخذ منها فقعدت في بيتها " وإن لم تكره منه شيئا وتراضيا على الخلع من غير سبب جاز، لقوله عز وجل " فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " ولأنه رفع عقد بالتراضي جعل لدفع الضرر فجاز من غير ضرر كالإقالة في البيع، وإن ضربها أو منعها حقها طمعا في أن تخالعه على شئ من مالها لم يجز، لقوله عز وجل " ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة " فإن طلقها في هذه الحال على عوض لم يستحق العوض لأنه عقد معاوضة أكرهت عليه بغير حق فلم يستحق فيه العوض كالبيع، فإن كان ذلك بعد الدخول فله ان يراجعها، لان الرجعة إنما تسقط بالعوض وقد سقط العوض فتثبت الرجعة فيه، فإن زنت فمنعها حقها لتخالعه على شئ من مالها ففيه قولان (أحدهما) يجوز ويستحق فيه العوض: لقوله عز وجل " إلا أن يأتين بفاحشة مبينة " فدل على أنها إذا أتت بفاحشة جاز عضلها ليأخذ شيئا من مالها (والثاني) أنه لا يجوز ولا يستحق فيه العوض، لأنه خلع أكرهت عليه بمنع الحق فأشبه إذا منعها حقه لتخالعه من غير زنا، فأما الآية فقد، قبل إنها منسوخة بآية الامساك في البيوت وهي قوله تعالى " فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت " ثم نسخ ذلك بالجلد والرجم، ولأنه روى عن قتادة انه فسر الفاحشة بالنشوز، فعلى هذا إذا كان ذلك بعد الدخول فله ان يراجعها لما ذكرناه