وان أشار الأخرس إلى الطلاق وكانت إشارته مفهومة حكم عليه بالطلاق لان إشارته كعبارة غيره، وان كتب الأخرس بطلاق امرأته وأشار إلى أنه نواه، فإن قلنا لا يقع الطلاق بالكتابة في الناطق لم يقع به من الأخرس، وان قلنا إن الطلاق يقع من الناطق بالكتابة وقع أيضا من الأخرس. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(باب عدد الطلاق والاستثناء فيه) إذا خاطب امرأته بلفظ من ألفاظ الطلاق كقوله: أنت طالق أو بائن أو بنة أو ما أشبهها، ونوى طلقتين أو ثلاثا، وقع لما روى " أن ركانة بن عبد يزيد قال يا رسول الله انى طلقت امرأتي سهيمة البتة، والله ما أردت الا واحدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما أردت الا واحدة؟ فقال ركانة: والله ما أردت الا واحدة، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه " فدل على أنه لو أراد ما زاد على واحدة لوقع، ولان اللفظ يحتمل العدد بدليل أنه يجوز أن يفسره به، وهو أن يقول أنت طالق طلقتين أو ثلاثا أو بائن بطلقتين وثلاث وما احتمله اللفظ إذا نواه وقع به الطلاق، كالكناية وان قال أنت واحدة ونوى طلقتين أو ثلاثا ففيه وجهان (أحدهما) يقع لأنه يحتمل أن يكون معناه أنت طالق واحدة مع واحدة أو مع اثنتين.
(والثاني) لا يقع ما زاد على واحدة لأنه صريح في واحدة، ولا يحتمل ما زاد، فلو أوقعنا ما زاد لكان ايقاع طلاق بالنية من غير لفظ، وذلك لا يجوز وان قال لها اختاري وقالت المرأة اخترت - فان اتفقا على عدد ونوياه - وقع ما نوياه. وان اختلفا فنوى أحدهما طلقة ونوى الآخر ما زاد لم يقع ما زاد على طلقة، لان الطلاق يفتقر إلى تمليك الزوج وايقاع المرأة وإذا نوى أحدهما طلقة ونوى الآخر ما زاد لم يقع لأنه لم يوجد الاذن والايقاع الا في طلقة فلم يقع ما زاد.