قال أصحاب أحمد: انه مستعمل في الوطئ عرفا، وقد ورد به القرآن والسنة فكان صريحا كلفظ الوطئ والجماع. وكونه حقيقة في غير الجماع يبطل بلفظ الوطئ والجماع، وكذلك قوله باضعتك فإنه مشتق من البضع في غير الوطئ فهو أولى أن يكون صريحا من سائر الألفاظ لأنها تستعمل في غيره، وبهذا قال أبو حنيفة.
القسم الثالث: ما لا يكون إيلاء الا بالنية وهو ما عدا هذه الألفاظ مما يحتمل الجماع كقوله: والله لا يجمع رأسي ورأسك شئ، لا ساقف رأسي رأسك، لأسوءنك، لأغيظنك، لطولن غيبني عنك، لا مس جلد جلدك، لا قربت فراشك، لا أويت معك، لا نمت عندك، فهذه ان أراد بها الجماع واعترف بذلك كان مؤليا وإلا فلا، لأن هذه الألفاظ ليست ظاهرة في الجماع كظهور التي قبلها ولم يرد النص باستعمالها فيه، إلا أن هذه الألفاظ منقسمة إلى ما يفتقر فيه إلى نية الجماع والمدة معا. وهي قوله لأسوأنك أو لأغيظنك أو لتطولن غيبتي عنك فلا يكون موليا حتى ينوى ترك الجماع في مدة تزيد على أربعة أشهر، لان غيظها يكون بترك الجماع فيما دون ذلك، وفى سائر هذه الألفاظ يكون موليا بنية الجماع فقط.
وإن قال: والله ليطولن تركي لجماعك أو لوطئك أو لأصابتك فهذا صريح في ترك الجماع وتعتبر نية المدة دون نية الوطئ على ما سيأتي.
وأن قال: والله لا أدخلت جميع ذكرى في فرجك لم يكن موليا، لان الوطئ الذي بحصل به الفئ يحصل بدون إيلاج جميع الذكر. وإن قال والله لا أولجت حشفتي في فرجك كان موليا، لان الفيئة لا تحصل بدون ذلك.
قال الشافعي رضي الله عنه: أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريح عن عطاء قال: الايلاء أن يحلف بالله على الجماع نفسه، وذلك أن يحلف لا يمسها فأما أن يقول: لا أمسك ولا يحلف، أو يقول قولا غليظا ثم يهجرها فليس ذلك بإيلاء.