(أحدهما) أنه اكراه لأنه يستوحش بمفارقة الوطن (والثاني) ليس باكراه لتساوي البلاد في حقه هذا مذهبنا. وقال أحمد في إحدى الروايتين ما أوعده به فليس باكراه، لأنه لم يصبه ما يستضر به، وهذا ليس بصحيح، لان الاكراه لا يكون الا بالتوعد، فأما ما فعله به فلا يمكن ازالته.
(فرع) إذا أكره على الطلاق ونوى بقلبه من وثاق أو نوى غيرها ممن يشاركها في الاسم وأخبر بذلك قبل منه لموضع الاكراه من القضية، فان نوى ايقاع الطلاق، ففيه وجهان.
(أحدهما) يقع لأنه صار مختارا لايقاعه (والثاني) لا يقع لان حكم اللفظ سقط بالاكراه وتبقى النية، والنية لا يقع بها الطلاق.
(فرع) ويقع الطلاق في حال الرضى والغضب والجد والهزل، لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة " رواه أصحاب السنن. وقال الترمذي حسن غريب ورواه الحاكم وصححه. وفى اسناد الدارقطني عبد الرحمن بن حبيب بن أزدك وهو مختلف فيه. قال الحافظ: فهو على هذا حسن. وقد أخرج الطبراني وعبد الرزاق أحاديث أخرى بمعناه.
إذا ثبت هذا: فان الطلاق يقع من المسلم والكافر، والحر والعبد والمكاتب لاجماع الأمة على ذلك، فان تزوج امرأة فنسي أنه تزوجها فقال: أنت طالق، وقع عليها الطلاق لأنه صادف ملكه.
(مسألة) قوله: فصل. وان قال الأعجمي لامرأته: أنت طالق الخ. وهو كما قال، فان العجمي إذا قال لامرأته: أنت طالق ولم يعرف معناه ولا نوى موجبه لم يقع الطلاق. كما لو تكلم بالكفر ولا يعرف معناه. وان نوى موجبه بالعربية ففيه وجهان.
(أحدهما) يقع عليها الطلاق لأنه نوى موجبه (والثاني) لا يقع كما لو تكلم بالكفر ولا يعلم معناه ونوى موجبه. أفاده العمراني في البيان اه قلت: لأننا إذا جعلنا الحكم على النية وحدها كان الحكم باطلا وإذا جعلناه على اللفظ وحده كان مثله، واقترانهما لا يفيد التلازم بينهما لفقدان الفهم،