إذا ثبت هذا فقال لزوجته اختاري، واختارت زوجها لم يقع عليها الطلاق.
وبه قال ابن عمر وابن عباس وابن مسعود وعائشة. وبه قال أكثر الفقهاء.
وروى عن علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت روايتان إحداهما كقولنا، والثانية أنها إذا اختارت زوجها وقع عليها طلقة واحدة رجعية، وبه قال الحسن البصري وربيعة، دليلنا ما روى أن رجلا سأل عائشة عن رجل خير زوجته فاختارته أكان ذلك طلاقا؟ فقالت " خير رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه فاخترنه، ولم يجعل ذلك طلاقا " وهي أعلم الناس بهذه القصة، لان النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بها. وإن اختارت نفسها فهو كناية في الطلاق، فإن نويا الطلاق وقع الطلاق وإن نوى أحدهما دون الاخر لم يقع الطلاق، لان الزوج إذا لم ينو لم يقع الطلاق لأنه لم يجعل إليها الطلاق. وإن نوى الزوج ولم تنو الزوجة لم يقع، لأنها لم توقع الطلاق. هذا مذهبنا وقال مالك هو صريح، فإذا اختارت الطلاق وقع سواء نويا أو لم ينويا.
وقال أبو حنيفة لا يفتقر إلى نية الزوجة. دليلنا أن قوله اختاري يحتمل الطلاق وغيره. وكذلك قولها اخترت نفسي يحتمل الطلاق وغيره. وما كان هذا سبيله فلابد فيه من النية كسائر الكنايات، وهل من شرط اختيارها لنفسها أن يكون على الفور بحيث يصلح أن يكون جوابا لكلامه؟ أو يجوز إذا وقع منها في المجلس قبل أن تخوض المرأة في حديث غيره، على وجهين مضى ذكرهما وإن قالت المرأة اخترت الأزواج ونوت الطلاق ففيه وجهان: أحدهما لا يقع الطلاق، لان زوجها من الأزواج. والثاني يقع عليها الطلاق. قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: وهو الأظهر عندي، لأنها لا تحل للأزواج الا بعد مفارقتها لهذا.
وإن قالت اخترت أبوي ونوت الطلاق ففيه وجهان (أحدهما) لا يقع الطلاق، لان ذلك لا يتضمن فراق الزوج (والثاني) يقع لأنه يتضمن العود إليهما بالطلاق. وإن قال لها أمرك بيدك ونوى به إيقاع الطلاق قال أصحابنا فيه وجهان (أحدهما) يقع الطلاق قبل أن تختار، لأنه يحتمل الطلاق فكان كقوله:
حبلك على غاربك.