قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) إذا قال لامرأته اختاري أو أمرك بيدك، فقالت اخترت لم يقع الطلاق حتى ينويا لأنه كناية لأنها تحتمل الطلاق وغيره فلم يقع به الطلاق حتى يتفقا على نية الطلاق. وان قال اختاري ونوى اختيار الطلاق، أو قال أمرك بيدك ونوى تمليك أمر الطلاق فقالت اخترت الزوج لم يقع الطلاق، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت " خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه " فلم تجعل ذلك طلاقا، ولان اختيار الزوج اختيار النكاح لا يحتمل غيره فلم يقع به الطلاق، فإن قالت اخترت نفسي لم يقع الطلاق حتى تنوى الطلاق لأنه يحتمل أن يكون معناه اخترت نفسي للنكاح ويحتمل اخترت نفسي للطلاق، ولهذا لو صرحت به جاز فلم يقع به الطلاق من غير نية. وان قالت: اخترت الأزواج ونوت الطلاق ففيه وجهان:
(أحدهما) وهو قول أبي إسحاق انه لا يقع لان الزوج من الأزواج.
(والثاني) يقع وهو الأظهر عندي لأنها لا تحل للأزواج الا بمفارقته، كما لو قال لها الزوج تزوجي ونوى به الطلاق وان قالت اخترت أبوي ونوت الطلاق ففيه وجهان (أحدهما) لا يقع الطلاق، لان اختيار الأبوين لا يقتضى فراغ الزوج (والثاني) أنه يقع لأنه يتضمن العود إليهما بالطلاق، فصار كقوله الحقي بأهلك. وان قال لها امرك بيدك ونوى به ايقاع الطلاق ففيه وجهان (أحدهما) لا يقع الطلاق لأنه صريح في تمليك الطلاق وتعليقه على قبولها فلم يجز صرفه إلى الايقاع (والثاني) أنه يقع لان اللفظ يحتمل الايقاع فهو كقوله حبلك على غاربك.
(الشرح) حديث عائشة رواه الستة وأحمد. وقد مضى تخريجه وألفاظه.
أما الأحكام فإنه يجوز للزوج أن يخير زوجته فيقول لها اختاري أو أمرك بيدك لقوله تعالى " يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا " الآية فخير النبي صلى الله عليه وسلم نساءه فاخترنه