من العرب فأمر أبا أسيد أن يرسل إليها فأرسل إليها فقدمت فنزلت في أجم بنى ساعدة، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها فلما كلها قالت: أعوذ بالله منك قال قد أعذتك منى، فقالوا لها: أتدرين من هذا؟ قالت لا، قالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليخطبك والظاهر أنها الجونية، لان سهلا قال في حديثه: فأمر أبا أسيد أن يرسل إليها، فالقصة واحدة دارت على عائشة رضي الله عنها وأبى أسيد وسهل بن سعد وكل منهم رواها وألفاظهم فيها متقاربة ويبقى التعارض بين قوله: جاء ليخطبك وبين قوله: فلما دخل عليها ودنا منها، فإما أن يكون أحد اللفظين وهما، أو الدخول ليس دخول الرجل على امرأته، بل الدخول العام. وهذا محتمل وحديث ابن عباس في قصة إسماعيل وإبراهيم صريح، ولم يزل هذا اللفظ من الألفاظ التي يطلق بها في الجاهلية والاسلام، ولم يغيره النبي صلى الله عليه وسلم بل أقرهم عليه. وقد أوقع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الطلاق وهم القدوة بأنت حرام وأمرك بيدك واختاري ووهبتك لأهلك وأنت خلية، وقد خلوت منى وأنت بريئة وقد أبرأتك وأنت مبرأة وحبلك على غاربك وأنت الخروج، فقال على وابن عمر رضي الله عنهما. الخلية ثلاث. وقال عمر رضي الله عنه : واحدة وهو أحق بها.
وفرق معاوية رضي الله عنه بين رجل وامرأته قال لها: ان خرجت فأنت خلية، وقال على وابن عمر وزيد في البرية أنها ثلاث. وقال عمر هي واحدة وهو أحق بها. وقال على في الخروج هي ثلاث. وقال عمر واحدة قال: والله تعالى ذكر الطلاق ولم يعين له لفظا، فعلم أنه رد الناس إلى ما يتعارفونه طلاقا، فأي لفظ جرى عرفهم به وقع به الطلاق مع النية، والألفاظ التي لا تراد لعينها بل للدلالة على مقاصد لافظها، فإذا تكلم بلفظ دال على معنى وقصد به ذلك المعنى ترتب عليه حكمه، ولهذا يقع الطلاق من العجمي والتركي والهندي بألسنتهم، بل لو طلق أحدهم بصريح الطلاق بالعربية ولم يفهم معناه لم يقع به شئ قطعا. فإنه تكلم بما لا يفهم معناه ولا قصده، وقد دل حديث كعب بن مالك على أن الطلاق لا يقع بهذا اللفظ وأمثاله إلا بالنية.