وصف لها بالطلاق كقوله: أنت نائم، فإن كان صريحا فكذلك قوله أنت مطلقة مثله، وأما السراح والفراق فالصريح منهما لفظتان لا غير وهو قوله. فارقتك أو أنت مفارقة أو سرحتك أو أنت مسرحة، هذا ترتيب الشيخ أبى حامد والبغداديين من أصحابنا.
وقال المسعودي: في قوله: أنت مفارقة أو أنت مسرحة وجهان، أحدهما:
أنه صريح كقوله: أنت مطلقة، والثاني: أنه كناية، لأنه لم يرد به الصريح ولا الاستعمال، والأول هو المشهور، فان خاطبها بلفظة من الألفاظ الصريحة في الطلاق، ثم قال: لم أقصد الطلاق، وإنما سبق لساني إليها.
قال الصيمري: فقد قيل: إن كان هناك حال يدل على ما قال بأن كان في حال جرت العادة فيها بالدهش جاز أن يقبل منه، وقيل: لا يلتفت إليه، بل يقع عليها وهو المشهور، لأنه يدعى خلاف الظاهر، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى، لأنه يحتمل ما يدعيه.
(فرع) وإن قال: أنت طالق، وقال أردت طلاقها من وثاق، أو قال:
فارقتك، وقال أردت به إلى المسجد، أو قال سرحتك وأردت به إلى البيت أو إلى أهلك لم يقبل منه في الحكم، لأنه يعدل بالكلام عن الظاهر، ويدين فيما يدعيه بينه وبين الله تعالى.
وقال مالك إن قال هذا في حال الرضى لم يقبل منه في الحكم، وقبل فيما بينه وبين الله تعالى، وان قاله في حال الغضب لم تقبل منه في الحكم، ولا فيما بينه وبين الله تعالى. دليلنا قوله صلى الله عليه وسلم " لا تحاسبوا العبد حساب الرب واعملوا على الظاهر ودعوا الباطن " ولان اللفظ يصلح في الحالين لما ذكره فيقبل منه فيما بينه وبين الله تعالى، وكل ما قلنا لا يقبل فيه قول الزوج من هذا وما أشبهه، ويقبل فيما بينه وبين الله تعالى، فان الزوجة إذا صدقته على ما يقول جاز لها أن تقيم معه، فان رآهما الحاكم على اجتماع ظاهر ففيه وجهان.
(أحدهما) أنه يفرق بينهما لقوله صلى الله عليه وسلم " أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ".
(والثاني) لا يفرق بينهما لأنهما على اجتماع يجوز إباحته في الشرع، وإن لم