أما الأحكام: فإن الكنايات كل كلمه تدل على الطلاق وغيره كهذه الألفاظ إلى ساقها المصنف وما أشبهها من الكلام فإن نوى بذلك الطلاق وقع عليها الطلاق وإن لم ينو به الطلاق لم يقع عليها الطلاق سواء قال ذلك في حالة الرضا أو في حالة الغضب، وسواء سألته الطلاق أو لم تسأله.
وقال أبو حنيفة: إذا كان ذلك في حال مذاكرة الطلاق وقال لها: أنت بائن وبتة وبتلة وحرام وخلية وبرية والحقي بأهلك واذهبي، فلا يحتاج إلى النية، وان قال لها: حبلك على غاربك، واعتدى، واستبرئي رحمك، وتقنعي، فإنه يحتاج إلى النية.
وقال مالك: الكنايات الظاهرة لا تحتاج إلى النية كقوله بائن وبنة وبتلة وحرام وخلية وبرية والفراغ والسراح في الكنايات الظاهرة، وأما الكنايات الباطنة، فتفتقر إلى النية، وهي مثل قوله: اعتدى واستبرئي رحمك وتقنعي واذهبي وحبلك على غاربك وما أشبه ذلك.
وقال أحمد: دلالة الحال في جميع الكنايات تقوم مقام النية. دليلنا أن هذه الألفاظ تحتمل الطلاق وغيره ولا تتميز إلا بالنية كالامساك عن الطعام والشراب يحتمل الصوم وغيره ولا يتميز إلا بالنية، ولأن هذه كنايات في الطلاق، فإذا لم تقترن بها النية لم يقع بها الطلاق كالألفاظ التي سقناها.
(فرع) قال ابن القاص: إذا قال لزوجته: أغناك الله ونوى به الطلاق كان طلاقا، فمن أصحابنا من قال: لا يقع عليها الطلاق لان هذا دعاء لها، فهو كقوله بارك الله فيك، ومنهم من وافقه لأنه يحمل أن يريد به الغنى الذي قال الله فيه:
وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته، وإن قال لها: كلي واشربي ونوى به الطلاق ففيه وجهان.
وقال أبو إسحاق لا يقع عليها الطلاق، وبه قال أبو حنيفة، كقوله أطعميني واسقيني والثاني: يقع به الطلاق، وهو اختيار الشيخين أبى حامد وأبي إسحاق لأنه يحتمل كلي ألم الفراق واشربي كأسه، وان قال لامرأته: لست بامرأتي ونوى به الطلاق كان طلاقا، وبه قال أبو حنيفة وأحمد.
وقال أبو يوسف: لا يقع، دليلنا أنه محتمل للطلاق لأنه إذا طلقها لا تكون