أجمعين) بلطف من الله سبحانه وتعالى، حيث ميزهم في خلقهم عن سائر الناس، بما أنه يعلم أنهم يعبدون الله ويخلصون الطاعة له، وخصص في خلقتهم خصيصة يمتازون بها عن سائر الخلق، كما يشهد بذلك خلقه عيسى (ع) حيث تكلم وهو في المهد، (قال إني عبد الله آتني الكتاب وجعلني نبيا). وكانت فاطمة (ع) في بطن أمها محدثة، وكانت تنزل عليها الملائكة بعد وفاة الرسول (ص)، ويشهد بذلك الروايات المتعددة، منها صحيحة أبي عبيدة عن أبي عبد الله (ع) قال: إن فاطمة (ع) مكثت بعد رسول الله (ص) خمسة وسبعين يوما، وكان دخلها حزن شديد على أبيها، وكان يأتيها جبرئيل (ع) فيحسن عزاءها على أبيها، ويطيب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي (ع) يكتب ذلك، وكذا غيرها من الروايات الواردة في المقام.
وأما ما جرى عليها من الظلم فهو متواتر اجمالا، فإن خفاء قبرها (ع) إلى يومنا هذا، ودفنها ليلا بوصية منها شاهدان على ما جرى عليها بعد أبيها، مضافا لما نقل عن علي (ع) من الكلمات (في الكافي ج 1 - ح 3 - باب مولد الزهراء (ع) من كتاب الحجة) حال دفنها قال: ((وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها. فأحفها السؤال واستخبرها الحال، فكل من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا، وستقوله ويحكم الله وهو خير الحاكمين)) وقال (ع): ((فبعين الله تدفن ابنتك سرا، وتهضم حقها، وتمنع إرثها جهرا، ولم يتباعد العهد، ولم يخلق منك الذكر، وإلى الله يا رسول الله المشتكى)). (و ح 2