فجلس عليه السلام ثم قال: كذب الحسن خذ سواء وأعط سواء فإذا حضرت الصلاة فدع ما بيدك وانهض إلى الصلاة أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة " (1) ويمكن أن يقال: يشكل حمل الأخبار الواردة في المقام على الكراهة الشرعية من جهة وجوب الأعمال المذكورة في الجملة حفظا للنظام ومع هذا كيف ينهى الشارع نهيا مولويا، إلا أن يقال: أصل العمل في الجملة واجب حفظا للنظام وجعله شغلا بحيث يكون العامل مداوما له مكروه لما يترتب عليه ولا يخلو عن بعد، فلا يبعد أن يقال: مع إلا ممن ما يترتب عليها غالبا لا كراهة أصلا كما يظهر مما ذكر، ولا داعي للحمل على الجواز المجامع للكراهة ومع عدم الأمن نهي إرشادا فالصيرفي بيعه الربوي يكون حراما، والغير الربوي يكون حلالا كما يظهر من الخبر المذكور بلا كراهة شرعية ووحدة السياق يقتضي كون كراهة غير العملين المذكورين في الروايتين من هذا القبيل، فينبغي لبايع الأكفان تهذيب الخلق وهكذا الجزار وغيره.
ولم يظهر وجه التعبير بغلبة الوقوع في الحرام في جميع الأعمال المذكورة فإن بايع الأكفان حبه لحدوث الوباء بين الناس مذموم لكنه لا يعد من المحرمات الشرعية.
وأما كراهة ما يكن من السلاح لأهل الكفر فلا تخلو عن الاشكال لأن دليل الجواز رواية محمد بن قيس قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفئتين تلتقيان أبيعهما السلاح؟ فقال: بعهما ما يكنهما الدرع والخفين ونحو هذا " (2) وهي محمولة على فريقين محقوني الدماء إذ لو كان كلاهما أو أحدهما مهدور الدم لم يكن وجه للمنع من بيع السلاح من صاحبه فليس راجعا إلى البيع من أهل الكفر ودليل المنع رواية الحضرمي قال: " دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فقال له حكم السراج: ما تقول فيمن يحمل إلى الشأم من السروج وأداتها؟ قال: لا بأس أنتم اليوم بمنزلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أنتم في هدنة فإذا كانت المباينة حرم عليكم أن تحملوا إليهم السروج والسلاح " (3).
وعموم رواية تحف العقول فالقول بالكراهة مشكل.