وأجيب بأن ظاهر الرواية كون القاضي منصوبا من قبل السلطان الجائر إذ ما يأخذ من السلطان العادل لا يكون سحتا قطعا والمنصوب من قبل ذاك غير قابل للقضاء فما يأخذه سحت من جهة عدم الأهلية لا من جهة القضاء مع الأهلية، ولو فرض كونه قابلا للقضاء لم يكن رزقه من بيت المال أو من جائزة السلطان محرما قطعا، فيجب إخراجه عن العموم. ويمكن أن يقال من أين حصل القطع بعدم الحرمة إن لم يكن في البين إلا ما ذكر من وجه الجواز إذ حلية جوائز السلطان لا توجب حلية ما يأخذ من جهة القضاء، وما ذكر من كتاب أمير المؤمنين صلوات الله عليه لا يدل على حلية ما يأخذ على القضاء إذ فرق بين أن يقول السيد لعبده أعط المصلين كذا، وبين أن يقول أعطهم على صلاتهم، كذا، مضافا إلى أنه أخذ من العادل فلا تعميم فالأولى أن يقال: ما دل عليه الصحيحة هو حرمة أخذ الرزق كأجرة الأجير وهذا غير إعطاء الرزق لا بعنوان المقابلة للعمل وإن كان بلحاظه.
وأما الإذن فظاهر المتن حرمة أخذ الأجرة عليه لظاهر رواية حمران المتقدمة ففي رواية زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليه السلام " أنه أتاه رجل إلى أن قال له - لكني أبغضك لله قال: ولم؟ قال: لأنك تبغي على الأذان أجرا " (1).
وأما الارتزاق فلا مانع منه كما سبق الكلام في ارتزاق القاضي.
(ولا بأس بالأجرة على عقد النكاح والمكروه إما لافضائه إلى المحرم غالبا كالصرف وبيع الأكفان والطعام والرقيق والصياغة والذباحة وبيع ما يمكن من السلاح لأهل الكفر كالخفين والدرع).
أما جواز أخذ الأجرة على عقد النكاح فلأنها من الأعمال المحللة التي لا مانع من الاستيجار عليها.
وأما تعليم أن الصيغة الشرعية كذا فقيل لا يجوز أخذ الأجرة عليه لكونه من باب بيان الحكم الشرعي وفيه نظر ولعل وجه المنع ما سبق من كلام بعض الأساطين من أن ما وجب لله يملكه الانسان فلا يستحق عليه الأجر، وقد سبق الكلام فيه