وأما الحكم الوضعي أعني ترتب الضمان من جهة التأخير فيشكل رفعه بدليل نفي الحرج ودليل تقدم العذر الشرعي مع عدم كون اليد أمانية مالكية إلا أن يقال مع تقدم العذر الشرعي أو لزوم الحرج تكون اليد أمانية شرعية كما لو مات المالك ولم يتمكن الودعي من الرد إلى الورثة.
وأما لو كان مال المودع غصبا فلا بد من رده إلى مالكه إن عرف وإن جهل فالمعروف أنه عرف سنة، ثم جاز التصدق بها عن المالك ويضمن المتصدق إن كره صاحبه لخبر حفص بن غياث المنجبر ضعفه بعمل الأكثر " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا واللص مسلم فهل يرد عليه؟ قال: لا يرده فإن أمكنه أن يرد إلى صاحبه فعل وإلا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرفها حولا فإن أصاب صاحبها ردها عليه وإلا تصدق بها. فإن جاء بعد ذلك خيره بين الأجر والغرم، فإن اختار الأجر فله، وإن اختار الغرم غرم له فكان الأجر له (1) " وقوله عليه السلام على المحكي " يصيبها الخ " يمكن أن يكون شرحا للمنزلة باشتراك المال الذي أودعه اللص مع اللقطة في جميع ما ذكر، ويبعده أن المفرض عدم إمكان الرد إلى صاحبه فحاله حال اللقطة التي حصل اليأس من وجدان صاحبها، ولا مجال لاحتمال وجوب التعريف حولا مع القطع بعدم وجدان صاحبه إلا أن يحمل على عدم إمكان الرد في هذا الخبر على عدم التمكن بدون التعريف حولا.
ويمكن أن يكون المراد أن الدراهم أو المتاع بمنزلة اللقطة التي عرفت حولا في التصدق والتخيير بين الأجرة والغرم فلا يتأتى الاشكال المذكور لكن يتوجه عليه أنه على هذا الاحتمال لا يجب التصدق كما يظهر من كلماتهم، بل يجوز أن يمتلك ومع الاجمال لا يبعد الأخذ بعموم ما دل على حكم المال المجهول المالك، و الأظهر ما ذهب إليه المشهور من وجوب التعريف لقوة أن يكون المراد من عدم إمكان الرد على صاحبه عدم إمكان الرد بدون التعريف حولا، ومما ذكر ظهر قوة ما في المتن.