المروي عن قرب الإسناد " عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه سئل عما يأكل الناس من الفاكهة والرطب مما هو لهم حلال فقال: لا يأكل أحد إلا من ضرورة، ولا يفسد إذا كان عليها فناء محاط ومن أجل الضرورة نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يبني على حدائق النخل والثمار بناء لكي لا يأكل منها أحد " (1) مؤيد ذلك كله بنصوص التقبل والخرص في الزكاة والخراج بل وبما دل على إخراج النخل ونحوها لأجل المارة الظاهر في التساهل بأمر المارة وباستمرار السيرة علي بناء الجدران وبعض الأبواب ومنع الناس وامتناعهم مع أنه لو كان مثل ذلك جائزا لشاع حتى بلغ التواتر ويمكن أن يقال أما الصحيح المذكور فيمكن أن يرجع قوله عليه السلام على المحكي " لا يحل له أن يأخذ منه شيئا إلى صورة نهى صاحب الثمرة والظاهر أن القائلين بالجواز نظرهم إلى صورة عدم العلم بالمنع. وأما التعبير بلا أو لا يأكل فيمكن حمله على الكراهة جمعا مع الأخبار السابقة وإن أبيت فالترجيح مع الأخبار السابقة، وأما التمسك بقاعدة قبح التصرف في مال الغير بغير إذنه شرعا وعقلا فلا وجه له بعد إذن الشارع بحسب الأخبار كما أن مقتضى إطلاقها عدم الفرق بين صورة نهي المالك وعدم العلم بنهيه، ولعله يشير إليه ما في المرسل قال:
" اشتروا ما ليس لهم " حيث يستفاد منه أنه حق ثابت من قبل الشارع نظير الزكاة والخمس المتعلقين بالأموال من دون مدخلية لإذن المالك ورضاه ولهذا لا يعد أكلا للأموال بالباطل المنهي في الآية الشريفة لإبائه عن التخصيص، بل يكون من باب التخصص، ثم إنه بعد القول بالجواز لا بد من رعاية القيود المأخوذة في الأخبار المجوزة لو كان ملحوظة بنحو القيدية فمنها عدم الافساد، ومنها عدم الحمل والظاهر أن عدم الافساد وعدم الحمل ليسا قيدين لحلية المأكول بل توجه النهي مستقلا بهما كما أن ظاهر الأخبار المذكورة التعميم لثمرات البساتين من دون اختصاص بثمرة النخل ولم نعثر بما يدل على الجواز في مطلق الزرع والخضر وإن ذكر السنبل في بعض الأخبار، وقد ورد سؤال ابن أبي عمير الصادق عليه السلام " عن الرجل يمر بالنخل أو السنبل أو الثمر فيجوز له أن يأكل منها من غير إذن صاحبها ضرورة أو غير ضرورة، قال: لا بأس " (2) 18