والاتفاق، كذلك التلازم الاصطلاحي لا يكون بين ممتنعين بالذات، بل بين ممتنع بالذات وممتنع بالغير، وهو لا محالة ممكن بالذات كما مر.
وبهذا يفرق الشرطي اللزومي عن الشرطي الاتفاقي، فإن الأول يحكم فيه بصدق التالي وضعا ورفعا على تقدير صدق المقدم وضعا ورفعا لعلاقة ذاتية بينهما. والثاني يحكم فيه كذلك من غير علاقة لزومية، بل بمجرد الموافاة الاتفاقية بين المقدم والتالي.
فما فشى عند عامة الجدليين في أثناء المناظرة عند فرض أمر مستحيل ليتوصل به إلى استحالة أمر من الأمور بالبيان الخلفي أو الإستقامي أن يقال: (إن مفروضك مستحيل، فجاز أن يستلزم نقيض ما ادعيت استلزامه إياه، لكون المحال قد يلزم منه محال آخر)، واضح الفساد، فإن المحال لا يستلزم أي محال كان، بل محالا إذا قدر وجودهما يكون بينهما تعلق سببي ومسببي) (1) انتهى (2).
فإن قيل: الممتنع بالذات ليس إلا ما يفترضه العقل ويخبر عنه بأنه ممتنع بالذات، فما معنى عدم قدرته على تعقله؟
قيل: إن المراد بذلك أن لا حقيقة عينية له حتى يتعلق به علم، حتى أن الذي نفرضه ممتنعا بالذات ونحكم عليه بذلك ممتنع بالذات بالحمل الأولي محكوم عليه بالامتناع، وصورة علمية ممكنة موجودة بالحمل الشائع.
وهذا نظير ما يقال (3): - في دفع التناقض المترائي في قولنا: (المعدوم المطلق لا يخبر عنه)، حيث يدل على نفي الأخبار عن المعدوم المطلق، وهو بعينه إخبار عنه - إن نفي الأخبار عن المعدوم المطلق بالحمل الشائع، إذ لا شيئية له حتى يخبر عنه بشئ، وهذا بعينه إخبار عن المعدوم المطلق بالحمل الأولي الذي هو موجود ممكن ذهني.