نهاية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٢٦٩
اتصال لم يتحقق البعد فيما هو قبل وبالعكس، بل انفصلا. وبالجملة لم يكن بين الجزئين من هذا الكم حد مشترك، ولو لم يكن غير قار لاجتمع ما هو قبل وما هو بعد بالفعل.
وإذ كان الكم عرضا فله موضوع هو معروضه، لكنا كلما رفعنا الحركة من المورد ارتفع هذا المقدار وإذا وضعناها ثبت، وهذا هو الذي نسميه: (زمانا)، فالزمان موجود، وماهيته أنه مقدار متصل غير قار عارض للحركة (1).
وقد تبين بما مر أمور:
الأول: أنه لما كان كلما وضعنا حركة أو بدلنا حركة من حركة ثبت هذا الكم المسمى بالزمان، ثبت أن لكل حركة - أي حركة كانت - زمانا خاصا بها، متشخصا بتشخصها، مقدرا لها، وإن كنا نأخذ زمان بعض الحركات مقياسا نقدر به حركات أخرى، كما نأخذ زمان الحركة اليومية مقياسا نقدر به الحركات الأخرى التي تتضمنها الحوادث الكونية الكلية والجزئية بتطبيقها على ما نأخذ لهذا الزمان من الأجزاء، كالقرون والسنين والشهور والأسابيع والأيام والساعات والدقائق والثواني وغير ذلك.
الثاني: أن نسبة الزمان إلى الحركة نسبة الجسم التعليمي إلى الجسم الطبيعي، وهي نسبة المعين إلى المبهم.
الثالث: أنه كما تنقسم الحركة إلى أقسام لها حدود مشتركة وبينها فواصل غير موجودة إلا بالقوة وهي الإنيات، كذلك الزمان ينقسم إلى أقسام لها حدود

(١) اعلم أن الناس قد اختلفوا في الزمان، فمنهم من قال: (إنه لا وجود له إلا بحسب الوهم)، ومنهم من قال: (إنه جوهر مجرد)، ومنهم من قال: (إنه واجب الوجود)، ومنهم من قال: (إنه جوهر جسماني هو الفلك الأعلى)، ومنهم من قال: (إنه عرض غير قار). وتفصيل هذه المذاهب وأدلتهم مذكور في المطولات، فراجع الفصل العاشر والفصل الحادي عشر من المقالة الثانية من الفن الأول من طبيعيات الشفاء، والمباحث المشرقية ج ١ ص ٦٤٢ - ٦٥٨، والأسفار ج ٣ ص ١٤١ - ١٤٨، وشرح الهداية الأثيرية لصدر المتألهين ص 102 - 110، وشرح عيون الحكمة ج 2 ص 119 - 123.
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست