واعترض عليه الفاضل الدواني في حاشية التجريد بقوله وأنت تعلم أنه يتوجه عليه انه لا يلزم من المفروض وهو صدور ج من حيث يجب صدور ب ان لا يكون ب واجبا بل إن يكون ب واجبا من حيث وجب ج بعينه وهل الكلام الا في نفيه.
أقول زيادة قيد الوجوب في هذه السياقة تفيد ان العلة الموجبة للشئ لا بد وأن يكون فيها من الخصوصية بالقياس إلى معلولها بعينه ما لا يكون لها تلك الخصوصية إلى معلولها الاخر لو فرض بعينه كما لا يكون لعله أخرى لو فرضت بالقياس إلى هذا المعلول أو معلول آخر فتلك الخصوصية الذاتية مبدأ ايجاب المعلول المعين بخصوصه ومنشأ انبعاثه بما هي هي وليس المراد بالخصوصية أو الحيثية هنا المفهوم المصدري الذي يجوز كسائر المعاني المصدرية ان يتعدد بتعدد ما أضيف اليه بل المبدء الخاص الذي يكون بجوهر ذاته وحاق تعينه مصداق الحيثية المذكورة التي يعبر عنها بصدور كذا وبترتب كذا ويعبر عن مبدأها أيضا تارة بالحيثية وتارة بالخصوصية.
وبالجملة كل ممكن موجود فإنه متعلق الوجود والوجوب بوجوب سابق هو وجوب حصوله عن الفاعل فوجوب حصوله قائم بالفاعل كما مر ذكره في بيان كون كل ممكن محفوفا بالوجوبين وقد علمت من طريقتان ان هذا الوجوب السابق وإن كان صفه للممكن لكنه يتحصل بالفاعل ولا شبهه في أن وجوب زيد مثلا كوجوده يباين وجوب عمرو ولا يمكن ان يكون لذاتين متغايرتين وجوب واحد كما لا يمكن لهما وجود واحد وقيام هذا الوجوب السابق بفاعل الشئ كقيام امكانه وقوه استعداده بقابله وكما لا يكون لحادثين امكان واحد سابق عليهما بالزمان فكذا لا يكون لمعلولين متغايرين وجوب واحد سابق عليهما بالذات.
فاذن نقول وجوب صدور المعلول عن المبدء الأول اما لذاته أو لأجل غيره فإن كان لغيره لم يكن مستندا اليه بالذات والكلام فيما يستند اليه بالذات لا لأجل واسطه وإن كان صدوره منه بغير واسطه والمبدء مبدء له لذاته وفي ذاته بعينها وجوب وجود ذلك الأثر فإذا كانت ذاته امرا واحدا حقيقيا فلا يتصور منه حصول شيئين على سبيل الوجوب في درجه واحده.