وكأنه لا يزال بلباس النوم، وهذا أمر مستقبح جدا هناك، وشاهدت ذبابات (1) تحوم هنا وهناك في فضاء الغرفة المتعفنة من سوء نظافته، وعندها أيقنت أن الطيور على أمثالها تقع، وأن الذباب يعرف كيف ينتخب لنفسه المقر المناسب، وفي ذلك قلت الأبيات الشعرية آنذاك، وهي 35 بيتا:
بلوزان دار العلم والفن والذوق * نموذج أرض الله في العدل والحق تجلت لنا بعد الصدود ذبابة * لها كنت مشغول الفؤاد من الحنق مضى زمن لم ألفها فإذا بها * تناءت بأرض الغرب عن بلد الشرق فقلت لها: إنا غريبان هاهنا * ورحت إليها أشتكي ألم الشوق فخفت لنحوي وهي تدنو بلهفة * كأن لها علم الفراسة في حذق تقبلني طورا بخدي ومرة * بعيني أو ثغري كمضنى من العشق فساءلتها عن أمرها لتجيبني * ألا خبرينا يا ذبابة بالصدق تناءيت هل تبغين بالنأي متعة * وهذا لعمري منتهى الطيش والنزق فخف إلى سمعي أزيز لصوتها: * دع اللوم فيما قد توهمت من حمقي ويا ويح مثلي أن يبدل لقمة * بأخرى وإن كانت حلاوتها تشفي بلى كنت أرجو مخبئا ألتجي له * من البرد حتى لو تهيأ في شق فأبصرت أسراب الذباب تقاطرت * إلى مكمن دف ء فأسرعت كالبرق به وطرا حلوا قضيت وراعني * على عجل أمر من الوقع والطق وما هي إلا لحظة وتزعزعت * مخابئنا وانهد ما كان من فوقي ولولا ثنيات ألوذ بطيها * لبت كغيري لا حياة من الخنق