شقيت بها دهرا وإذ خانني الرجا * تراخت وعاد الجو متسع الأفق (1) وبانت لي الباب التي قد ولجتها * فرحت بعزم فله الضعف بالسبق وخلت بأني قد بعدت عن الشقا * وأدركت عهدا أحمد الخلق والخلق تنسمت في الجو الوسيع وسرني * سحاب أتى يحيي النفوس بما يسقي وأدبر فصل الزمهرير وجاءنا * ربيع بلطف الزهر والورد والذوق لأمثالها في الرافدين سوالف * تولت وما غير التذكر لي مبقي طفقت أجوب الأرض روحا وجيئة * ولم أبق فيها من مسالك أو طرق ألا إن في هذه الحوانيت نعمة * لنا دونها جسم يجل عن الخرق حنانيك أني قد ولجت لمنزل * تلوح عليه لمح ضائقة الرزق فألفيت أن البيت عم فناءه * ضجيج من الضوضاء واللعب والنطق تشممت حتى ما بلغت لمأرب * أهابتني الأصوات للخنق والشنق وأقبل رب البيت يسعى معربدا * وقد ملئت عيناه بالشر والحنق وصوب نحوي من قرارة نفسه * بكفيه ضربا لا يرق ولا يبقي فيممت شطر الباب فأزور نحوها * ولولا ابتداري مت من شدة الصفق بأجنحة نحلى وقلب ملوع * وكلتاهما لما تطيق على الخفق لمحت محيا أسمر اللون شاحبا * ملامحه دلت على ذوقه الشرقي علقت به حبا مجيرا ومنقذا * ورحت أهني النفس بالغة العتق هنيئا وطوبى يا ذبابة بالذي * أتتك من الآمال بالصدق والوفق وويل فؤادي لا يزال ملوعا * عسى تصدق الأحلام مثلك بالطبق * * *
(١٩٣)