لقد اكتشفت عمق الرابطة الروحية التي تشد الخليلي إلى أسرته، ولئن كان النتاج البحثي والشعري الرفيع هو موضع مباهاة الخليلي، فإني واثق بأن ما هو أكبر وأهم من ذلك، ما تركه بعده من ذرية طاهرة، كان للوالدين الكريمين الفضل في تنشئتها وتوجيهها، وتشربها بالمبادئ الإسلامية والخلق الإنساني النبيل، وحفزها إلى طريق الرقي العلمي، فالكوكبة الكريمة من أولاده:
أبناؤه الستة، وبناته الثلاث، وأنسباؤه وأصهاره، وكلهم من حملة الشهادات العليا والتخصصات النادرة، سيظلون موضع فخر آل الخليلي، مثلما ستبقى آثاره الفكرية في الذاكرة ما بقيت للكلمة قيمة ومعنى.
إن محبة الخليلي لأولاده لا يعدله إلا حبه الصادق لصديقة عمره ورفيقة دربه: زوجته العلوية الفاضلة نجاة الحسيني التي عاش معها حياته حتى الثمالة، وكانت حبه الأول والأخير الذي ألهمه رؤاه وأحلامه، لقد كانت شريكة حياته، وساعده الأيمن في تربية أولاده، ولولاها لما توفرت له الأجواء لإكمال بحوثه، وهي من هيأت له الأمان النفسي في محرابه وصومعته الفكرية، فلا غرو أن من أجلها تولدت القصائد، وإليها وحدها يهدى الديوان الشعري.
لقد رغبت إلي عائلة الفقيد أن أكتب هذه المقدمة، ولم أتردد عن القبول، فأنا لا أملك أن أرد لها طلبا وهي أعز أمانة للراحل لدي، ولا أكتم أنني اكتشفت بعد قبولي المهمة كم كانت مسؤوليتي جسيمة! فقد تركت لوحدي أستقرئ النصوص في غيبة صاحبها، وليس ثمة مرجع أعود إليه للتعرف على الكثير مما غمض لدي منها، وما يقصده الشاعر في بعض منظوماته، نظرا لخفاء المعنى، وتفاوت الآراء بشأن المقصود. وقد آثرت الاقتصار في مهمتي على