الرحال إلى إيران لإشغال منصب قضائي.
وتمر السنون ليكتب لنا اللقاء الشخصي بعد ربع قرن، وفي كندا بالذات، فقد جاءها الخليلي مهاجرا ليلتحق بأسرته في اوتاوا، وجئتها رئيسا للبعثة الدبلوماسية العراقية.. ويا للمفارقات!! وسرعان ما استعدنا صلاتنا القديمة، وتبادلنا الزيارات، واكتشفت بعض اهتمامات ونشاطات الفقيد، وكان يخصني بقراءة بعض أشعاره وبحوثه. وحين انتقلت إلى الجامعة العربية في القاهرة استمر تواصلنا الكتابي، وكنت عونا له في تدوين متن مسودة كتابه عن الحكومة العالمية المثلى هناك.
واستمرت هذه الاتصالات المتقطعة حتى قررت الاستقالة من مركزي في الجامعة، وآثرت الاستجابة لإلحاح أولادي بالقدوم إلى اوتاوا لإجراء فحوص طبية، وكان لنا لقاء جديد مع الخليلي وأسرته النبيلة، واستعدنا من جديد ذكرياتنا وعاودنا زياراتنا المتبادلة.
وطيلة هذه المدة بقي الخليلي - كما عهدته - أخا وفيا، وصديقا حميما، وزميلا نبيلا، يتدفق لطفا وتواضعا وخجلا وحياء، يتسم حديثه بالرفق، وتشعر وهو يحدثك بحرارة عاطفته، كأن صوته همس يطرق الاذن على استحياء.
وشيئا فشيئا تراكمت لدي المعرفة بشخصية الفقيد، وعلى رأسها:
نزعته الإنسانية المفرطة. التي تتغلغل في أعمق أعماقه، وتكاد تطغى على تصرفاته وسلوكياته، فالعلاقات الإنسانية الحميمية - ولا سيما ما كان منها مرتبطا بزمالات الطفولة والدراسة والصداقة الوثيقة - بلغت موضع القداسة لديه، وكان حريصا على الوفاء بمتطلباتها، ويتوقع من الآخرين وفاء مماثلا،