وزعمت أنها لا تعرفني. فقال عمر: أين تكون الوالدة؟ قال: في سقيفة بني فلان. فقال عمر: علي بأم الغلام. فأتوا بها مع أربعة اخوة لها. وأربعين قسامة يشهدون لها أنها لا تعرف الصبي، وإن هذا الغلام مدع ظلوم غشوم يريد أن يفضحها في عشيرتها، وأن هذه جارية من قريش لم تتزوج قط، لأنها بختام ربها، فقال عمر: يا غلام ما تقول؟ فقال: يا أمير المؤمنين هذه والله أمي، حملتني في بطنها تسعا وأرضعتني حولين كاملين، فلما ترعرعت وعرفت الخير والشر، ويميني من شمالي طردتني وانتفت مني وزعمت أنها لا تعرفني، فقال عمر : يا هذه ما يقول الغلام؟ فقالت: يا أمير المؤمنين والذي احتجب بالنور فلا عين تراه، وحق محمد وما ولد ما أعرفه ولا أدري من أي الناس هو، وإنه غلام يريد أن يفضحني في عشيرتي وأنا جارية من قريش ولم أتزوج قط واني بخاتم ربي. فقال عمر: ألك شهود؟ فقالت: نعم هؤلاء. فتقدم الأربعون قسامة وشهدوا عند عمر أن الغلام مدع يريد أن يفضحها في عشيرتها وأن هذه جارية من قريش لم تتزوج قط. وأنها بخاتم ربها. فقال عمر: خذوا بيد الغلام وانطلقوا به إلى السجن حتى نسأل عن الشهود ، فإن عدلت شهادتهم جلدته حد المفتري. فأخذوا بيد الغلام وانطلقوا به إلى السجن.
فتلقاهم أمير المؤمنين عليه السلام في بعض الطريق فنادى الغلام: يا بن عم رسول الله، إني غلام مظلوم. فأعاد عليه الكلام الذي تكلم به عمر ثم قال: وهذا عمر قد أمر بي إلى السجن. فقال علي (ع): ردوه إلى عمر، فلما ردوه قال لهم عمر: أمرت به إلى السجن فرددتموه إلي؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين أمرنا علي بن أبي طالب أن نرده إليك وسمعناك وأنت تقول: أن لا تعصو لعلي أمرا. فبينا هم كذلك إذ أقبل علي (ع) فقال: علي بأم الغلام، فأتوا بها فقال علي (ع): يا غلام ما تقول؟ فأعاد الكلام على علي (ع) فقال علي لعمر: أتأذن لي أن أقضي بينهم؟ فقال عمر: سبحان الله وكيف لا وقد سمعت رسول الله (ص) يقول: أعلمكم علي بن أبي طالب (ع)، ثم قال للمرأة: يا هذه المرأة ألك شهود؟ قالت: نعم. فتقدم الأربعون قسامة فشهدوا بالشهادة الأولى، فقال علي (ع): لأقضين اليوم بينكم بقضية هي مرضاة الرب من فوق عرشه.