وإذا نظرنا إلى الحيوانات، وجدنا أنها هي أيضا تتكون من خليط من نطفة الذكر والأنثى. فالخلية الأولى للخروف أو الأرنب إنما هي خليطة (أمشاج)، وبذلك تشبه الانسان... إلا أنه ألحق كلمة (نبتليه) بعد كلمة (أمشاج) بالنسبة إلى الانسان ، وهذه عبارة عن فصل مميز بين الانسان وسائر الحيوانات، وذلك لأن الاختبار إنما يصح عندما يكون الشخص المختبر مالكا للحرية والاختيار، فمثلا لا يمكن أن يقال بالنسبة إلى الشخص المسجون في سجن لوحده والمراقبة مشددة عليه: أنه يمتحن ليرى هل يسرق أم لا؟. لأنه غير قادر على السرقة في محيط السجن فيجب أن يخرج من محيط السجن الضيق ويتجول بين المجتمع بحرية كي يعرف أنه سارق أم لا.
إن الخروف والأرنب وغيرهما من الحيوانات، قد تكونوا من نطفة أمشاج أيضا، ولكن لا يوجد امتحان بالنسبة إليهم، لأنهم مسجونون في سجن الغرائز، ولا يملكون إختيارا من أنفسهم. والانسان هو الذي تخلق خليته الأولى ونطفته الأصلية منذ اللحظة الأولى على أساس هابليته للاختبار والحرية وأوجد مع ملاحظة إحتوائه على الإرادة والاختيار.
وبهذا الصدد يقول الله تعالى: «إنا هديناه السبيل، إما شاكرا وإما كفورا» (1).
فالانسان فقط هو الذي يستطيع أن يشكر نعمة الهداية الإلهية بحرية ويؤدي واجبه على أحسن صورة أو يكفر بالنعمة وينحرف عن طريق الحق والاستقامة.
وبالرغم من أن الحيوانات تملك أيضا نصيبا وافرا من نعمة الهداية الإلهية، فلم يرد في حقها «إما شاكرا وإما كفورا»... وهي علامة الحرية وسمة الاختبار.
فإنها مجبرة على اتباع المنهج الفطري الإلهي دون زيادة أو نقصان، ولذلك يقول الله تعالى: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها، إن ربي