روائع نهج البلاغة - جورج جرداق - الصفحة ١٠٦
إلى أوطانه ويرجع الباطل إلى نصابه (1)! والله ما أنكروا علي منكرا ولا جعلوا بيني وبينهم نصفا (2). وإنهم ليطلبون حقا هم تركوه ودما هم سفكوه. فإن كنت شريكهم فيه فإن لهم لنصيبهم فيه، ولئن كانوا ولوه دوني فما التبعة إلا عندهم، وإن أعظم حجتهم لعلى أنفسهم!
يا خيبة الداعي! من دعا؟ وإلام أجيب؟ (3) وإني لراض بحجة الله عليهم وعلمه فيهم، فإن أبوا أعطيتهم حد السيف وكفى به شافيا من الباطل وناصرا للحق! ومن العجب بعثهم إلي أن أبرز للطعان وأن أصبر للجلاد! هبلتهم الهبول (4) لقد كنت وما أهدد بالحرب ولا أرهب بالضرب، وأني على يقين من ربي وغير شبهة من ديني.

1 - النصاب: الأصل، أو المنبت وأول كل شئ. وفي كلامه هذا إشارة صريحة إلى رغبة من يعنيهم في إعادة الأثرة والظلم واقتناص المغانم إلى إدارة الدولة كما كانت في عهد بطانة الخليفة الثالث، ولا يتأتى لهم ذلك إلا بتأليب الناس على الخليفة الجديد، وهو الإمام، الذي لا يطمعون في أيامه بأن يعود إليهم ما ألفوه في السابق من حرية التصرف بأموال الدولة وأحوال الناس.
2 - النصف: العدل، أي: لم يحكموا العدل بيني وبينهم.
3 - من: استفهامية. وما (في إلام) استفهامية أيضا وقد حذفت منها الألف لدخول (إلى) عليها. ويقصد بالداعي أحد قادة خصومه في موقعة الجمل إذ دعا الإمام إلى أن يبرز للطعان وكأنه يهدده بالحرب ونتائجها. وقوله (من دعا؟) استفهام عن الداعي ودعوته، استهانة بهما.
4 - هبلتهم: ثكلتهم. والهبول: المرأة التي لا يبقى لها ولد. وهو دعاء عليهم بالهلاك لعدم معرفتهم بأقدار أنفسهم... أبالحرب يهدد ابن أبي طالب؟!
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست