ومن أجزاء تختلف غرائزها باقتضاء قوة الجذب وباقتضاء قوة الدفع. وإن أراد أن الجوهر الواحد يشتمل على القوتين لزمه تركب الجواهر وانقسامها وتجزيتها إلى أجزاء بعضها يكون قطبه لقوة الدفع وبعضها يكون قطبه لقز الجذب. هذا مع غض النظر عن مباحث تجري ههنا من حيث تكافؤ القوى واختلافها.
وحاصل الكلام أن الجواهر الفردة التي لا تتجزأ لو أمكن وجودها في نفسها (وهو مستحيل كما بينه العلم) لكانت باعتبار هذه الأقوال مركبة ذات أجزاء في الماهية والصورة تحتاج إلى علة تؤلف أجزاءها.
وتجريها في حركاتها المختلفة، وتعين لها أمكنتها المختلفة.
فلينظر إذن في حال هذه العلة ولا يصح لنا أن نقف في التعليل على الجواهر وقوفا علميا.
وأما الأثير فإنه منقسم إلى أجزاء يختص كل منها بمكان غير ما يختص به الآخر فإن كان هذا الاختصاص من طبع الجزء لزم أن يكون كل جزء مركب في الماهية من شئ تشترك به جميع الأجزاء في الأثيرية ومن شئ يقتضي بطبعه الحلول في المكان الخاص به فأجزاء الأثير إذن مركبة في الماهية تحتاج إلى علة لتأليف ماهيتها، زيادة على كونه في الصورة مركبا ذا أجزاء يحتاج إلى علة تؤلف أجزاءه الصورية. وإن كان اختصاص كل جزء من الأثير ناشئا من فعل فاعل هو غير طبع الأجزاء لزم الانتقال بالتعليل إلى ذلك الفاعل والبحث عنه.
ثم إن المنقول من رأي (طمسن) هو إن الجواهر الفردة إنما هي حلقات زوبعية في الأثير أو الهيولى فالعالم مؤلف من سائل تام الاتصال مالئ للخلاء ومن هذه الحلقات الزوبعية المنتشرة وهي ليست سوى أجزاء هذا السائل المتحركة فيه.
فنقول هذه الحلقات الزوبعية التي هي أجزاء السائل هل هي باقية على طبيعة السائل وصورته حينما هي جواهر فردة أم تغيرت صورتها؟