الشبهة، ولذا إنا نمنع اجتماع الأمة على الخطأ في مثل وجوب الصلوات الخمس وعدد ركعاتها ومقادير نصب الزكاة وكيفية الحج ومواقفه وغير ذلك من الضروريات لأن الإمام في جملتهم يقينا وهو لا يجوز عليه الخطأ، فإن قيل فمن أين جاء الاختلاف وأنتم قلتم: إن النبي (صلى الله عليه وآله) قد بلغ الأمة جميع الأحكام بعضها تفصيلا وبعضها إجمالا ودل العباد على من يرجعون إليه في بيان ما لم يفصله؟ قلنا: جاء الاختلاف من مخالفتهم أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرجوع إلى من أمرهم بالأخذ عنه والتمسك به في رفع ذلك عنهم وعدولهم عنه إلى آرائهم واجتهادهم إلا قليلا من الصحابة، فإن قيل: من هذا الرجل الذي أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الناس بالرجوع إليه لرفع الاختلاف ببيان الحكم فعدلوا عنه إلى ما ذكرتم؟ قلنا: ذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد سبق ذكر يسير من الأدلة الواردة في أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالتمسك به والأخذ عنه وسيأتي الكثير منه في موضعه إن شاء الله ومن بعده للطيبين من ولده (عليهم السلام) فإن قيل: فأنتم لم اختلفتم مع رجوعكم إلى من بين له النبي (صلى الله عليه وآله) جميع الأحكام مفصلة على قولكم ولم لم يرفع الاختلاف عنكم ببيان الحق قلنا: إنا لا ننكر الاختلاف بيننا في مسائل الفقه وإنما نشأ ذلك من جهة عدم تمكن الحجة (عليه السلام) من بيان الحق للخوف على شيعته من الطواغيت وذلك أنه قد ثبت بالتواتر شدة الخوف على الإمامية في زمن ظلمة من بني أمية وبني العباس حتى آل الأمر إلى استحلالهم دم من يتهم بتشيع أو يذكر أهل البيت بخير فكان الإمام (عليه السلام) يفتي بعض شيعته بمر الحق ويفتي آخر بما يحتمل التأويل والوجوه ويفتي آخرين بما يوافق أقوال العامة لئلا تجتمع شيعته على أمر واحد فيعرفوا فيؤخذ برقابهم وليس مزج الحق بغيره أو إخفائه في حكم أو أحكام في الفتوى للخوف على النفس من الإزهاق بأعظم من إظهار الكفر وسب الرسول (صلى الله عليه
(٦٥)