وأسقطه عن غير المستطيع، وحرم الميتة والدم ولحم الخنزير على العباد وأحل ذلك للمضطر غير الباغي والعادي، وحرم قتل المسلم وأحل قتل الباغي والعادي وقاطع الطريق، وحرم الكفر وأحل إظهاره عند الاكراه والخوف على النفس وعدم القدرة على دفع العدو عنها كما مر ذكره في قضية عمار إلى غير ذلك مما ورد في الشريعة الاختلاف فيه، ولا يخفى على ذوي الخبرة مواضعه.
وبالجملة أن الممنوع اختلاف حكم الله باختلاف المجتهدين ورضاه بالاجتهاد في دينه لا تغيير الله حكم المكلف بتغير أحواله وإذا أثبت اختلاف حكم الله على المكلفين باختلاف أحوالهم فيما ذكرناه وفي غيره مما يطول المقام بنقله صح أن يرخص الله للإمام بل يريد منه في حال عدم تمكنه من تشخيص الحكم المعين في الواقعة لاتباعه وعدم تمكنهم من العمل به على التعيين لخوفه الضرر على نفسه في بيانه وعليهم في العمل به إلقاء الخلاف بينهم وخلط الحق بغيره في كثير من المسائل وأن يريد من كل واحد من شيعة الإمام العمل بما ألقى إليه الإمام من الحكم وما فهمه من قول الحجة لأن في ذلك دفع ضرر عن النفس ودفع الضرر عنها واجب، وكل ما توقف عليه الواجب وكان مقدورا فهو واجب عقلا وسمعا فإذا حصل الأمن وذهب الخوف عنا زالت الرخصة في الاختلاف وتعين على الإمام تعيين الحكم المعين لرعيته وعليهم العمل به، نسأل الله تعجيل الفرج.
وأما خصومنا فإن الله أراد منهم ما أراد منا من الإقرار للإمام بالإمامة والانقياد لطاعته والتسليم لأمره، والأخذ عنه والرجوع إليه في الأحكام، ولو أنهم فعلوا ذلك إذن لزال الخوف عن الإمام في بيان الحق لاتباعه إذ لا مخالف له وعنهم في العمل به لأن المسلمين على هذا كلهم يكونون أتباع الإمام فلا خوف لأحد منهم على أحد، لكن الخصوم لم يفعلوا شيئا من ذلك فلم يؤدوا ما أراد الله منهم من طاعة الإمام، بل أنكروا إمامته وخالفوه