الخطاب لهم خاصة دون باقي الأمة فلا تجب عليهم مودة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من هذه الآية لفقدان سببها فيهم وهو القرابة بين النبي (صلى الله عليه وآله) وبينهم، وهذا باطل قطعا والاتفاق على أن الخطاب في الآية لجميع الأمة حاصل فالوجه المذكور فاسد باليقين.
وأخبرني بعض الإخوان عن بعض أهل التعصب أنه كان يقول: أن المراد بالقربى العمل والمعنى قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة فيما يقربكم إلى الله وهو أقرب إلى اللفظ من سابقه لكنه مقدوح فيه بما ذكره جماعة من أهل اللغة من أن القربى لا يستعمل إلا في الزحم كالقرابة، والقرابة فيما يقرب إلى الله تعالى ذكره في المصباح المنير وتبطل هذه الأقوال جميعها غير الأول بما قدمنا في معنى العترة من قول النبي (صلى الله عليه وآله) لما نزلت الآية فسئل من قرابتك الذين نزلت فيهم الآية؟ قال: (علي وفاطمة وابناهما) وما رواه السدي عن أبي مالك عن ابن عباس في قوله تعالى: [ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا] (1) قال: " المودة لآل محمد " (2) ومما يدل صريحا على إخراج قريش من القربى واختصاصها بمن ذكرنا ما رواه ابن أبي الحديد فيما قدمناه عن أحمد بن حنبل من قول النبي (صلى الله عليه وآله):
(قدموا قريشا ولا تقدموها) قال: (أيها الناس أوصيكم بحب ذي قرباها أخي وابن عمي علي بن أبي طالب) (3) فخصص (صلى الله عليه وآله وسلم) ذا القربى بعلي (عليه السلام) وأخرج سائر قريش وبني هاشم منها.