إماما] (1) فمن عظمها عنده قال: [ومن ذريتي] يعني واجعل من ذريتي إماما فكان فرحه بها أعظم من فرحه بالنبوة لسر لا يعلمه ابن أبي الحديد ولا أصحابه وقال تعالى لداود: [يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض] (2) فأي مقام أشرف وأعلا من مقام يمن الله على أنبيائه الكرام بجعلهم من أهله وإعطائهم إياه، ولعمري ما عرف ابن أبي الحديد وأصحابه قدر الإمامة، بل ولا فهموا معناها وإنما فهموا منها ما فهمه بعضهم حيث جعلها من أمور الدنيا ولم يدر أنها الشرف الأسنى، والمقام الأعلى الذي لا يصلح له إلا الأنبياء وكرام الأوصياء، وأن جميع الأمور الدينية والدنيوية تبع لها، والأعمال مشروطة بها ومنوط صحتها بمعرفتها، وأن (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات جاهليا) ولو عرف المعتزلي ذلك حق المعرفة لما تفوه بما قال ولما حكم بأن غير المنصب من الله والمنصوص عليه من رسول الله أهل للإمامة، فقد لعمر الله جهل هو وأصحابه مقامها، وصغر وأقدرها، وهونوا أمرها، وحقروا جلالتها، ووضعوا شرفها، وجعلوا أمرها إليهم وزمامها بأيديهم، وهي التي جعلها الله لرسله وأوصيائهم، واختص بها أنبيائه والأصفياء من أوليائهم فقال: [وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا] وكذلك الوراثة كما ذكرنا ليس كما قال ابن أبي الحديد: إنها وراثة العلم خاصة، لما بيناه في لفظ الوصية لأن الكلام يقتضي اختصاصهم بالوراثة دون سائر الأمة وعدم مشاركة أحدهم فيها، إذ لولا ذلك لما كانوا هم الوارثين خاصة، بل هم شركاء غيرهم وحملها على وراثة العلم يزيل الاختصاص فإن كثير من الصحابة قد أخذوا عن النبي (صلى الله عليه وآله) علما ورواية كعبد الله بن مسعود وسلمان وأبي ذر والمقداد وعمار وأبي بن كعب وجابر بن
(٦٠٠)