فما ورد بلفظ الإمامة الحديث المتقدم عن الحلية وهو قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (من سره أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي فليوال عليا من بعدي وليوال وليه وليقتد بالأئمة من بعدي فإنهم عترتي، خلقوا من فاضل طينتي، ورزقوا فهما وعلما فويل للمكذبين من أمتي القاطعين فيهم صلتي لا أنالهم الله شفاعتي وهذا الخبر صريح في النص على إمامة العترة الطاهرة بما لا مزيد عليه من الصراحة وذلك من وجوه.
الأول إيجابه الاقتداء بهم ولا يجب الاقتداء عينا إلا بالإمام.
الثاني تسميتهم أئمة وهو أصرح الألفاظ في الإمامة العامة، إذ من المعلوم أنه لا يريد هنا مطلق الأئمة كإمام الجماعة وإمام الحاج وأمراء البلدان والجيوش والفقهاء ولا يحتمل كلامه ذلك لأن وصفهم بأنهم عترته وما بعده من الأوصاف موجب لإخراج المذكورين منهم، ويخصص الأئمة بالخلفاء المستحقين لمقامه.
الثالث خلقهم من فاضل طينته فإنه يدل على الوصلة التامة والمماثلة الخاصة كما ذكرنا سابقا في خلق علي من نور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك يقتضي كونهم قائمين مقامه وحالين في منزلته وحيث امتنعت فيهم النبوة لختمها به فهم قائمون مقامه في الإمامة فيكونون خلفاءه على الأمة.
الرابع قوله: (رزقوا فهما وعلما) فإنه مصرح بأنهم كانوا مستحقين للإمامة لأن الله اختصهم بالفهم والعلم فهم أحق بمنصب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأولى بخلافته ممن ليس له هذه الصفة وفيه إشارة إلى أنه لا يجوز لمن يجهل شيئا من أمر الأمة في دينهم أن يكون إماما وهو حقيقة قول أصحابنا ونصه.