والمذاهب المتخالفة، فلذلك قال الرجل ما قال ليشبه على الجهال فنال ما طلب ولو أنه صرح بما علمه من النص على علي (عليه السلام) لطعن فيه العامة لتقدمه على من نص عليه النبي (صلى الله عليه وآله)، وقدحوا في استخلافه صاحبه وهو لم يترأس ليكون مطعونا عليه عند العوام، وإنما فعل ذلك ليكون عندهم موثقا مطاعا في الحياة والممات ليتم مقصده المذكور وتصريحه بالنص يزيل ذلك كله عند سائر الناس وهو خلاف مطلبه، فليس في قوله حجة على فقدان النص لأن له في إخفائه غرضا قويا، ثم إن استدلال القوشجي بكلام أبي بكر على انتفاء النص مطلقا على واحد معين يعود عليه بالنقض في دعواه إجماع أصحابه على استخلاف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا بكر ويرد حديث عائشة الذي هو الدليل عندهم على ذلك:
(وهو ادعى أباك وأخاك) المتقدم ذكره، ويبطل روايته في أبي بكر وهو قول النبي (صلى الله عليه وآله) فيه: (وخليفتي في أمتي) وهذا دأبه (1) - متناقض الأقوال مختل الكلام.
وأما محاجة علي (عليه السلام) معاوية ببيعة الناس له بنص فهي إن سلمت مثل محاجته للصدر الأول بالقرابة، وذلك أن النصوص الواردة من النبي (صلى الله عليه وآله) على علي (عليه السلام) وإن كانت صريحة واضحة ومعاوية يعلمها ولا يجهلها ويعرفها باطنا ولا ينكرها لكن وهن دلالتها وشبه صراحتها على تابعي معاوية من أهل الشام وأكثر تابعي علي (عليه السلام)، إذ جل من معه يرون أن إمامته بالبيعة لا بالنص عليه ويثبتون تقدم الثلاثة عليه في الخلافة فكان الفريقان يذهبان إلى أن الإمامة بالاختيار لا بالنص وأن النبي (صلى الله عليه وآله) لم ينص على واحد بعينه، ولو احتج أمير المؤمنين (عليه السلام) بالنص على معاوية لم يسلمه له في الظاهر وإن كان يعلم صحته كما لم يسلم له الأولون إذا ذكره، ولم