تصديقه للنبي (صلى الله عليه وآله) فقد بينا أنه أسلم بعد جماعة من الناس فلم يكن صدقة في حال تكذيب جميع الناس له لتكون القضية كلية، وإذا لم يكن كذلك سقط التمدح بسبق التصديق فلم يبق للكلام موقع في المدح لسقوط الكلية التي بنى المدح على صدقها، وإن كانت مهملة وحملت على الأكثرية أي كذبني أكثر الناس فجميع من صدق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مكة، بل وفي المدينة في أول الهجرة صدقه وكذبه أكثر الناس فلا اختصاص له بذلك فلا مدح فيه يوجب فضلا على سائر الصحابة.
وأما تزويج النبي (عليه السلام) ابنته فما أدري لأيهما الفضل على الآخر النبي (صلى الله عليه وآله) حين قبلها أم لأبي بكر حين زوجه إياها؟
وبعد فأي رجل من الناس يخطب إليه النبي (صلى الله عليه وآله) ابنته فلا يزوجه إياها حتى يكون تزويج أبي بكر ابنته إياه منة عليه يستحق بها ثناء من النبي (صلى الله عليه وآله) وثوابا كثيرا من الله كما هو مدعى المستدل فلو خطب (صلى الله عليه وآله) إلى الأكاسرة والقياصرة والتبابعة لعدو خطبته بناتهم من أجل النعم الواصلة إليهم فكيف بغيرهم.
وأما تجهيزه النبي (صلى الله عليه وآله) بماله فمتى كان ذلك أفي مكة أم في المدينة فإن كان في مكة فكل عالم يعلم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذ ذاك غنيا بمال خديجة (رضي الله عنها) وكان ينفق منه على من شاء في أول النبوة ولم يجهز جيشا ولا قاتل عدوا مدة بقائه (صلى الله عليه وآله وسلم) في مكة حتى يحتاج في ذلك إلى معونة أحد، ثم إنا نعلم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أحوج ما يكون للتجهيز حين أراد الهجرة من الغار إلى المدينة، وقد روى جميع المحدثين أن أبا بكر باع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعيرين وأخذ منه ثمنهما في تلك الحال فأين التجهيز