بأربعة دراهم ليلا ونهارا وسرا وعلانية (1) وجاد بقوته وقوت عياله ثلاث ليال (2) فأنزل الله في كل من ذلك قرآنا يتلى بمدحه، ويكشف عن إخلاص عمله، ويعرب عن صدق نيته، مثل قوله تعالى: [إنما نطعمكم لوجه الله] (3) فما بال غيره لم ينزل في تجهيزه النبي (صلى الله عليه وآله) آية تتلى ولا كلمة تقرى، أفترون أن الله عز وجل أضاع عمله وهو لا يضيع عمل عامل أم لم يقبله منه فترك ذكره وأهمله، أم لم يكن شئ مما ادعيتم يحتاج إلى أن يبينه الله تعالى فيما أنزله؟! هذا كله مضافا إلى ما صح من فقر أبي بكر حتى احتاج في أيام خلافته إلى أن يجعل له المسلمون قسمة من سهامهم من بيت المال لكل يوم شئ يسير كما صح في سير القوم وتواريخهم فمن هذه حاله من أين له المال حتى يجهز به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وأما المواساة بنفسه فمتى كان ذلك أفي الشعب حين أجمعت قريش على حصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأبو بكر ليس من المحصورين، أم في إيذاء قريش للنبي (صلى الله عليه وآله) فأبو بكر ليس من المحامين بل القائم بحماية النبي (صلى الله عليه وآله) والمواسي له بنفسه والذاب عنه في ذلك كله من لا يهاب الرجال ولا تروعه الأبطال أبو طالب وبنوه ورهطه وأبو بكر في معزل عن ذلك كله فما نعلم الموضع الذي اختص فيه بمواساة النبي (صلى الله عليه وآله) دون غيره إلا أن يدعو حديث الغار وفيه ما فيه - كما تقدم - وأين هو في ذلك ممن بات يفدي النبي (صلى الله عليه وآله) بنفسه ويتوقع الموت في الذب عنه صابرا محتسبا، وأما المجاهدة ساعة الخوف فما علمنا لأبي بكر قتالا ولا سمعنا أنه في