ذلك لا يحصل أبدا فالحاجة إلى الإمام حاصلة دائما، هذا كله مع أن العلم بالتجاء العقلاء في جميع الأعصار والأمصار إلى نصب الرؤساء في حفظ نظامهم وضبط أحوالهم دال على انتقاء طريق سوى الإمامة وعدم قيام غير الإمام مقامه، وإلا لكانوا يلتجئون إليه ويتمسكون به، ومن هذا يعلم انحصار اللطف عند العقلاء في الإمام فيتعين وجوبه، وعلم من جميع ما ذكرنا امتناع الفرض المذكور عقلا وسمعا وعادة، ومنه يتضح صحة ما قاله رئيس المحققين نصير الدين (1) في التجريد من معلومية انتفاء المفاسد وانحصار اللطف في الإمام للعقلاء (2)، وقول القوشجي إنهما مجرد دعوى فاسدناش؟؟ عن غير تأمل وقال أيضا في الاعتراض على دليلنا: " وأيضا إنما يكون لطفا إذا كان الإمام ظاهرا قاهرا زاجرا عن القبائح قادرا على تنفيذ الأحكام وإعلاء لواء الإسلام، وهذا ليس بلازم عندكم فالإمام الذي ادعيتم وجوبه ليس بلطف والذي هو لطف ليس بواجب " والجواب المعارضة بالأنبياء فإن النبي لطف ولم يشترط في كونه لطفا قدرته على الزجر عن القبائح وقهره على الطاعة ولم تبطل نبوته وإمامته بعصيان العصاة، فإنا نعلم بأخبار الكتاب العزيز أن نوحا. وهودا ولوطا (عليهم السلام) عصاهم قومهم ولم يقدروا على الزجر عن القبائح وإنفاذ الأحكام، وأن إبراهيم خليل الرحمن ألقاه قومه في النار ليحرقوه، وأن هارون عصاه بنو إسرائيل وعكفوا على عبادة العجل
(٣٢)